الإجمالي $ 0
سلة المشتريات
نهاية البيروقراطية
لم تختفِ البيروقراطية كما كان مُتوقعاً في ظل الليبرالية الجديدة، بل تعاظمت وامتدت إلى جميع مناحي الحياة اليومية، فرغم التراجع الظاهري في الحديث عنها منذ سبعينيات القرن العشرين، فإن الالتزامات البيروقراطية التي تواجه الأفراد –من تعبئة النماذج الإلكترونية إلى التعامل مع الأنظمة الرقمية– تضاعفت بشكل ملحوظ، ما يبرز ظاهرة تُعرَف بعصر تصفير البيروقراطية، حيث تهدف السياسات إلى تقليص التعقيد الإداري لكنها تؤدي فعليّاً إلى زيادة التعقيد، بسبب التحول من البيروقراطية التقليدية، إلى الإلكتروقراطية، أي بيروقراطية الحكومة الإلكترونية.
البيروقراطية الهجينة
سعت السياسات النيوليبرالية إلى تقليص دور الدولة، لكنها أدَّت إلى اندماج آليات السوق في الأنظمة الحكومية، فتولَّدت بيروقراطية هجينة، تجمع بين رقابة الدولة وحوافز السوق، وتنتج أنظمة رقابية أكثر تعقيداً، تخدم المصالح الرأسمالية على حساب الأفراد، خصوصاً في قطاعات كالبنوك والتعليم والرعاية الصحية والعمل.
تتخفَّى البيروقراطية الحديثة خلف لغة براقة تتضمَّن مصطلحات مثل الابتكار، والجودة، والقيادة، والتميز المؤسسي، لكنها تُستخدَم لفرض معايير ومقاييس تقييم تُرهِق العاملين، وتُحوِّل المهارات اليدوية والفنية إلى مسارات مُرهِقة من الشهادات والاعتمادات الرسمية، ما يُعمِّق التفاوت بين الموظفين، وهو تفاوت لا يقوم على الكفاءة والأداء، بقدر ما يقوم على العائد قصير المدى.
التكنولوجيا في خدمة التحَّكُم لا التحرُّر
بدلاً من إطلاق ممكِّنات التكنولوجيا لتحرير الناس وإسعادهم، تم توجيهها لتعزيز الرقابة البيروقراطية وزيادة التحكم في كل الإجراءات، فالأجهزة الرقمية والتطبيقات الذكية تحوَّلت إلى أدوات لضبط السلوك، لا لتيسير وتسهيل الحياة، ونتيجة لذلك أصبحت أجهزة الصراف الآلي والمنصَّات الرقمية رموزًا لاقتصاد لا يُنتج شيئًا، بل يُحوِّل النشاط البشري إلى بيانات قابلة للقياس والرقابة والتحكم، واستخدام البيانات في التسويق وزيادة الاستهلاك.
التهديد بالإقصاء والحرمان
تعمل البيروقراطية من خلال مزيج من القواعد والعنف الخفي، حيث يتم تهديد الأفراد بالغرامات والعقوبات. لا تُطبَّق القواعد بعدالة، بل وفق موقع الفرد في النظام الاجتماعي، ما يُنتج نظاماً غير متكافئ يتحوَّل فيه العدل إلى أداة للهيمنة، بينما يُسمَح للمؤسسات الكبرى بالتفاوض على مزيد من الامتيازات، فمثلاً: لم يعد استخدام الهاتف الجوال خياراً، بل إجباراً. فلكي تحتفظ بحق التواصل، عليك استخدام الجوال حتى لا تخسر الخدمة، ويتم تحويل رقمك إلى مستخدم آخر.
مشروع تصفير البيروقراطية
تصفير البيروقراطية لا يعني إلغاء القواعد وأنظمة العمل، بل إعادة توجيهها نحو العدالة والكرامة الإنسانية، واعتبار خدمة المتعاملين حقّاً مشروعاً، لا هدفاً ماليّاً بحتاً، وهذا يتطلَّب فض الشراكة بين الإدارة الحكومية وإدارة الأعمال، وتحرير التكنولوجيا من هيمنة رأس المال، وإعادة تعريف السياسات الحكومية على أنها قيمة إنسانية وليست تحكُّماً بالأفراد والموارد.
تصفير البيروقراطية مشروع ثقافي، وأخلاقي، وتحرُّري في جوهره، وليس مجرد تكنولوجيا، وحكومة رقمية، وإدارة إلكترونية.
للمزيد من الكتب حول ملخصات الإدارة الحكومية والبيروقراطية الحكومية ولقراءة ملخصات كتب مقروءة PDF وملخصات كتب صوتية Audio Books على منصة إدارة.كومEdara.com واستخدام إدارة شات بوت Edara Chatbot باللغتين العربية والإنجليزية في الحصول على استشارات سريعة، وكتابة أبحاث إدارية وإعداد نشرات السوشيال ميديا، أو الحصول على شهادة مهنية وتنزيل حقائب تدريبية في مجالك:
-
ملخص كتاب إبعاد شبح البيروقراطية pdfخمس استراتيجيات لإعادة اختراع الحكومة
-
ملخص كتاب الحكومة الإلكترونية pdf من البيروقراطية إلى الإلكتروقراطية
-
ملخص كتاب التكلس الإداريpdf ما الذي يحول بيننا وبين الإنجاز وكيف نحل المشكلة؟
-
ملخص كتاب الحكومة الرقميةpdf التكنولوجيا وأداء القطاع العام