أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

عالم الميكروبات

الكائنات المجهرية أعداء أم شركاء لنا؟

بقلم : إد يونغ 2024-10-29

الجينات الميكروبية وأدوارها الحيوية
تعيش في أجسامنا جينات ميكروبية بقدر ما لدينا من جينات بشرية، إذ يحتوي الجسم نحو 69 تريليون خلية من بينها 39 تريليون خلية ميكروبية تقريباً، كما يضم الجينوم البشري نحو 20 ألف جين، ولكن يتضاعف هذا العدد بنحو 500 مرة إذا أضفنا إليه الجينات الميكروبية التي تحملها أجسامنا.
 
يعيش بداخل كل إنسان عالم من الميكروبات الفريدة والمعقدة يعرف باسم الميكروبيوم، ويضم كل عضو من أعضاء الجسد عالمه الخاص من الميكروبات التي على الرغم من اختلافها من شخص إلى آخر، فإنها تؤدي نفس الوظيفة لدينا جميعاً.
يتشابه الميكروبيوم في تكوينه مع أي منظومة أخرى، إذ يؤدي ميكروب محدد دور القائد المسيطر الذي يضمن أداء جميع الميكروبات الأخرى لوظيفتها بالكفاءة المطلوبة. على سبيل المثال: تتولَّى ميكروبات بعينها مسؤولية تحقيق التوازن في مستويات الحموضة في أجزاء معينة من الجسم، وتمارس الميكروبات العديد من الوظائف الأخرى التي تؤكد دورها الحيوي في صحة الإنسان والحيوان وتطوُّرهما. 
الميكروبات بمنظور جديد
يسود اعتقاد بأن عدد الميكروبات النافعة قليل جداً مقارنة بالميكروبات الضارة، ولكن أثبتت البحوث والتجارب زيف هذا الاعتقاد، إذ تتجاوز أعداد الميكروبات النافعة نظيرتها الضارة بكثير، بل هي بالأحرى القاعدة، وليست الاستثناء. ونظراً إلى قدرتها على العيش في أي بيئة، فإنها تساعد الحيوانات أيضاً على هضم الطعام الذي يصعب هضمه بأي طريقة أخرى.
كما يعتمد نحو 10 إلى 20% من الحشرات على الميكروبات في تزويدها بالفيتامينات ومساعدتها على بناء الخلايا والبروتينات، فمثلاً يتكوَّن نصف وزن النمل الأبيض تقريباً من الميكروبات النافعة التي تساعده على هضم السليلوز، ومن دون هذه الميكروبات يختل توازن النظام البيئي.
تنوُّع الميكروبيوم يحافظ على الصحة 
يعاني بعض الأشخاص من رهاب الميكروبات ويبالغون في تبنيِّهم لممارسات النظافة الشخصية والصحة العامة. إن كنت أحد هؤلاء أو تعرف من هو كذلك، فهناك بعض الحقائق التي تحتاج إلى فهمها. 
لكي تنعم بصحة جيدة، تحتاج إلى ضبط جهاز المناعة لديك وفقاً للإعدادات النموذجية، فالجهاز المناعي أشبه بمنظِّم الحرارة؛ فإن اختلَّ توازنه وأخذ يعمل دون المستوى المطلوب، ستقتصر استجابته على المخاطر الكبيرة متجاهلاً المؤشرات الصغيرة التي قد تؤول إلى مآل سيئ، ما يجعلك أكثر عرضة لاكتشاف الأمراض الخطيرة في مراحلها المتأخرة. 
تكمن المشكلة في نزعة نمط الحياة العصري إلى تقليل فرص التعرُّض للميكروبات، إلا إن تجنُّب الأمراض المعدية والتحسُّسية يتطلَّب ضبط جهاز المناعة عند مستوى الأداء المطلوب. 
ولا يتحقَّق هذا الأمر إلا بالتعرض للميكروبات، وتحديداً في مرحلة الطفولة حيث التفاعل مع الأتربة والغبار والوحل، وهي أشياء قلَّما نجدها في البيئة الحضرية، ما جعل التعرض الصحي للميكروبات أقل شيوعاً ممَّا مضى.
يرتبط العيش في المدن ببعض العادات التي تركِّز بشكل خاص على النظافة والصحة العامة، مثل كثرة الاستحمام بالمياه المُعقَّمة وضعف التعرُّض للحيوانات المستأنسة، ولكن لكي يعمل جهاز المناعة بكامل طاقته، يحتاج إلى الانخراط في نوع من التنافس الصحي، إذ يصعب على الميكروبات الضارة أن تجد موطناً لها داخل أمعائك إذا كان لديك العديد من الميكروبات النافعة التي تتنافس بنشاط على العناصر الغذائية. 
ويشحذ النظام الغذائي المتنوع هذه المنافسة الصحية من خلال تناول الخضراوات والفواكه التي تحتوي عناصر غذائية تتنافس عليها الميكروبات النافعة وتحفز نشاطها، كما يساعد تناول الأطعمة النباتية الغنية بالألياف على حفظ التوازن الصحي نظراً إلى صعوبة هضمها مقارنة بالأطعمة المعالجة، ما يجعلها نواة لاستقطاب الميكروبات النافعة، ومن ثم تعزيز نشاطها. 
نستخلص مما سبق أن الميكروبات ليست كائنات تطفُّلية كما نظن، وإنما هي كائنات تعيش داخلنا وحولنا وتؤثر في جميع جوانب حياتنا، ويمكِّننا فهم طبيعة التوازن بين أنواع الميكروبات المختلفة وتأثيرها في صحتنا من اختراق آفاق جديدة في مجالات الطب والعلاج، والأبحاث الطبية والزراعية، ومواجهة التحديات البيئية، والأهم من ذلك أنه يغير الطريقة التي نفكر بها في أجسامنا وعلاقتنا بالعالم الطبيعي. 
للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com:

تأليف:
إد يونغ: كاتب متخصص في مجال العلوم وحائز على العديد من الجوائز العلمية.

Title: I Contain Multitudes: The Microbes Within Us and a Grander View of Life
Author: Ed Yong
Publisher: Ecco
Pages: 368
ISBN: 978-0062368591