أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

الحدُّ الأدنى للأجور

انخفاض الأجور وأثره في الفقراء

بقلم : باربرا إرينريك 2024-04-23

الفقر والحد الأدنى للأجور 
البحث عن وظيفة جديدة أو سكن للعيش يشكِّلان تحدِّياً أمام معظم الناس بصرف النظر عن ظروفهم المعيشية، ولكن عندما شرعت باربرا إرينريك في هذه التجربة الاجتماعية، تعلَّمت أن الأمر أصعب بكثير مما يبدو عليه.
بدأت باربرا رحلتها من كي ويست، ولاية فلوريدا، معتقدة أنها ستجني 7 دولارات في الساعة، ما يؤهِّلها لاستئجار شقة لا يتجاوز إيجارها 500 دولار شهرياً، ولكن سرعان ما تحطَّمت آمالها عندما لم تجد سوى عدد محدود من المنازل المُتنقِّلة التي تفتقر إلى التهوية الجيدة أو مكيِّف الهواء، وهو ما لا يمكن تحمُّله في ظل مناخ فلوريدا الحار والرطب.
لم ينتهِ الأمر عند هذا الحد، فالأسوأ من ذلك أن المسكن بهذه المواصفات يكلِّف 657 دولاراً شهرياً، أي أعلى بكثير من الميزانية التي توقَّعتها. بعد رحلة من البحث المتواصل وتوسيع نطاق البحث لتشمل مدناً مجاورة، عثرت باربرا على شقة صغيرة مقابل 500 دولار شهرياً. كانت هذه الشقة تبعد 45 دقيقة عن مقرِّ عملها، وهي مسافة ليست بضئيلة. 
في خضمِّ بحثها عن وظيفة، وجدت باربرا أن الوظائف التي تحقِّق الحد الأدنى من الأجور تنطوي على إهانة من نوع أو آخر، فعلى سبيل المثال: عندما تقدَّمت إلى وظيفة في أحد المتاجر، اضطرَّت إلى الإجابة عن استبيان متعدِّد الخيارات مدته عشرون دقيقة، وشمل أسئلة مهينة لذكاء أي شخص، ولهذا قرَّرت أن تواصل البحث أملاً في العثور على وظيفة أكثر احتراماً لآدميَّتها. 
ارتفاع معدَّلات استبدال العمالة
لا عجب أن الوظائف التي يسهل الحصول عليها هي تلك التي لا يرغب أحد في ممارستها، ولكن ما أدهش باربرا هو ارتفاع معدل استبدال العمالة في الوظائف ذات الحد الأدنى للأجور التي كانت تتقدَّم لها، وكانت تستجيب بشكل عام لإعلانات الوظائف الواردة في قسم التوظيف بالجريدة المحلية، وصادفها نحو عشرين فندقاً يعلنون عن حاجتهم إلى عمال نظافة. 
وعندما تقدَّمت لهذه الوظائف ولم تتلقَّ أي رد من جانبهم، أدركت أن هذه الوظائف لم تكن شاغرة بعد، وإنما كانت الفنادق تُحضِّر فريقاً بديلاً بشكل استباقي إيماناً منها بأن فريقها الأساسي سيغادر لا محالة بين عشية وضحاها بسبب ضغوط العمل المتفاقمة وأوضاعه السيئة. 
بعد فترة من البحث، استقرَّت باربرا في وظيفة نادلة في أحد المطاعم لتتمكَّن أخيراً من استشعار مشقَّة العمل مقابل أجل زهيد في الواقع!
كانت باربرا تعمل من الساعة الثانية ظهراً وحتى العاشرة مساءً مقابل 2.43 دولار في الساعة بخلاف البقشيش، أي ما يعادل 6 دولارات تقريباً في الساعة. وعلى الرغم من ضآلة الأجر، كانت الوظيفة أكثر تطلُّباً ممَّا توقَّعت، ولم تكن باربرا مُهيَّأة لهذه البيئة المتسارعة ومتعدِّدة المهام، إذ لم تقوَ على مواكبة طلبات الزبائن لإعادة التعبئة، وإحضار التوابل، وتغليف الطعام، والإضافات الجانبية، ما أصابها بالإنهاك، كما تعيَّن عليها تعلُّم استخدام شاشة حاسوب تعمل باللمس لتلقِّي الطلبات، وهو تحدٍّ جديد يُضاف إلى قائمة التحديات التي أثقلت كاهلها. 
الفقر وأزمات الإسكان والتكاليف الخفية
العمل في وظيفة بدوامٍ كامل مسألة مرهقة لا يخفِّف من وطأتها سوى سكن هادئ ومريح نعود أدراجنا إليه في نهاية يوم شاق، ولكن عندما توثَّقت معرفة باربرا بزميلاتها وزملائها في العمل، أدركت محدودية الرفاهية المتاحة لهم خارج نطاق العمل. 
على سبيل المثال: لم يمتلك كلود الطباخ حيِّزاً كبيراً في منزله، إذ كان يتقاسم شقَّته الصغيرة المُكوَّنة من غرفتين مع ثلاثة أشخاص آخرين. هذه الظروف المعيشية القاسية جعلت باربرا تدرك التكاليف الخفية التي يتكبَّدها أصحاب الأجور المنخفضة، فالعيش في منزل كالذي يعيش فيه كلود يجعله عالقاً في إيجار أسبوعي أو شهري أعلى قيمة من المعتاد لأنه لا يحتوي مطبخاً، ومن ثم يضطر كلود ورفقاؤه في السكن إلى شراء الوجبات الجاهزة باهظة الثمن فضلاً عن مخاطرها الصحية، ما يؤكِّد ارتباط الفقر بسوء الأوضاع الصحية.
للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com 

تأليف:
باربرا إرينريك: مؤلفة وناشطة سياسية.

Title: Nickel and Dimed: On (Not) Getting by in America
Author: Barbara Ehrenreich
Publisher: Picador
Pages: 256
ISBN: 978-0312626686

بقلم : باربرا إرينريك