أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

الغوريلا الخفيَّة

الوهم والحدس وعدم التركيز

بقلم : كريستوفر شابريس 2024-03-28

اختبار الغوريلا: لماذا لا نرى ما حولنا؟
تعلَّمنا منذ زمن بعيد أن نتبع ما يمليه علينا حدسنا intuition. ولعلَّه يصيب في كثير من الحالات، إلا أن هذا لا يحول دون وجود بعض الاستثناءات، إذ توجد العديد من القيود التي تُقيّد الحدس وتحدّ من فاعليته كمُرشد موثوق، وكم من مواقف قادنا فيها حدسنا إلى طريق مسدود!
إذا رأيت شخصاً مُصاباً على جانب الطريق، ستنتبه له بالطبع، فالعقل مفطور على ملاحظة الأمور غير العادية حتى وإن كان يركِّز على شيء آخر، ولكن بينما يركِّز على شيء نظنُّه مهماً، قد يُفوِّت أشياء أهم.
ابتكر المؤلفان كريستوفر تشابريس ودانييل سايمونز تجربة الغوريلا الخفية التي تحوَّلت إلى نموذج كلاسيكي حول نزعتنا وميلنا الفطري إلى إغفال الأمور الواضحة للعيان. طُلِب من المشاركين في التجربة مشاهدة مقطع فيديو لمجموعة من الأشخاص يلعبون كرة السلة وحساب عدد التمريرات التي حقَّقها أحد الفريقين.
وأثناء عرض المقطع، يحدث شيء عجيب. يدخل شخص يرتدي زي غوريلا إلى الملعب لمدة تسع ثوانٍ ويُمزِّق ملابسه ثم يغادر. في الظروف العادية كان المشاهدون يلاحظون حدثاً كهذا، ولكن نِصفهم لم يفعل لأنهم ظلُّوا يركِّزون على احتساب التمريرات. الأدهى من ذلك أننا لا نغفل الأشياء فقط لأننا نركز على شيء آخر، وإنما نعجز أيضاً عن رؤية ما لا نبحث عنه. 
الذاكرة وتخزين المعلومات  Misleading Memories
نسترجع أحياناً بعض ذكريات الطفولة التي نظنُّ أننا نراها بوضوح كما لو كانت قد حدثت بالأمس، ثم يأتي أحد أقاربنا ليخبرنا بأن هذا ليس ما حدث بالفعل، فلماذا نكون على ثقة من دقَّة ذكرياتنا إلى هذه الدرجة؟
وجد المؤلفان في دراسة أجرياها أن 47% من الأشخاص يؤمنون بأن الذكريات لا تتغيَّر، بينما يظن 69% منهم أن الذكريات أشبه بمقاطع الفيديو التي تلتقط الواقع بدقَّة متناهية وتبقى دون تغيير مهما مضى الوقت، ولكن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، فأحياناً تُخزِّن الذاكرة معلوماتٍ أكثر أو أقل مما حدث على أرض الواقع. 
في إحدى التجارب، قرأ الطلاب 15 كلمة متصلة بعضها ببعض، مثل مرهق، ومتعب، ومنهك. بعد مرور 10 دقائق، طُلِب منهم استرجاع هذه الكلمات. العجيب أن معظمهم أورد كلمة النوم رغم عدم وجودها ضمن القائمة الأصلية، فكيف حدث ذلك؟
كل الكلمات التي سمعها الطلاب كانت تُفضي إلى نهاية واحدة، وهي: النوم، ولهذا أدرجوها ضمن القائمة من دون وعي، فالذاكرة تركِّز على اختزان دلالات الأشياء لدينا أكثر ممَّا تركِّز على تخزين التسلسل النموذجي للأحداث والأشياء. يُطلَق على هذه الظاهرة “خلل ذاكرة المصدر”، وهي واحدة من الطرق التي تخدعنا بها ذاكرتنا.
وهم الارتباط The Correlation Illusion
نسمع كثيراً عبارة “شيء واحد يؤدِّي إلى آخر”، ولكن هل هذا أمر حقيقي؟ بالطبع لا، ولكننا نظنُّ كذلك لأن مفهوم الأحداث، وعواقبها، متأصل لدينا بالفطرة، وبالتالي نتوهَّم صلات لا وجود لها بين الأحداث.
يستوعب العقل البشري الأنماط باعتبارها طريقة لفهم العالم من حولنا، ولكن لا توجد هذه الأنماط سوى داخل عقولنا في معظم الأحيان. في إطار رغبتهما لاختبار الاعتقاد السائد بوجود صلة بين الطقس وآلام التهاب المفاصل، طلب الطبيب دونالد ريديلمر وعالم النفس آموس تفيرسكي من مرضى التهاب المفاصل توثيق مستوى الألم الذي يشعرون به كل يوم، وبمقارنة مستويات الألم مع أحوال الطقس طوال أيام التجربة، اكتشفوا عدم وجود أي صلة تذكر بين الاثنين، لهذا قرَّروا أن يعيدوا التجربة، ولكن هذه المرة على طلاب جامعيين، وطلبوا منهم أن يرصدوا أي أنماط يلاحظونها في سلسلة من مستويات الألم المطابقة بشكل عشوائي لأحوال الطقس. المثير للدهشة أن نحو 87% منهم وجدوا صلات بالفعل! لماذا؟ لأنهم ركزوا على البيانات التي تدعم اعتقادهم المسبق بوجود صلة بين الطقس وآلام المفاصل. 
للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كومEdara.com 

تأليف:
كريستوفر شابريس: عالم نفس أمريكي، وهو حالياً كبير الباحثين في نظام جايسينجر الصحي.

Title: The Invisible Gorilla: How Our Intuitions Deceive Us
Author: Christopher Chabris
Publisher: Harmony
Pages: 320
ISBN: 978-0307459664

بقلم : كريستوفر شابريس