الإجمالي $ 0
سلة المشتريات
لماذا لم تنـدثر أفكـار أفلاطـون الفلسفية؟
عاش الفيلسوف أفلاطون منذ 2400 عام، ومع ذلك ما زالت أفكاره تنبض بالحياة على الرغم من الفجوة الزمنية التي تفصلنا عنه، فإذا تخيَّلنا أفلاطون وهو يعيش في القرن الحادي والعشرين، ويتجوَّل في أماكن مختلفة، مثل مكاتب جوجل أو استديوهات البرامج الحوارية أو مراكز الاستشارات النفسية، ويشارك في نقاشات حول قضايا حديثة تتعلَّق بالعلم والتقنية والأخلاق والسياسة والتعليم، سنجد أن الفلسفة لا تزال تلعب دوراً حيويّاً في تحليل وتفسير المسائل المعقدة التي نواجهها اليوم، وأن التساؤلات التي أثارها أفلاطون منذ آلاف السنين ما زالت تدعو إلى التأمل والنقاش، فما الذي نتعلَّمه من فلسفة أفلاطون؟!
التعلم المتبادل
يساعدنا أفلاطون على ممارسة التعلم المتبادل مع الآخرين من خلال طرح الأسئلة التي تتيح للأفراد الوصول إلى الإجابات بأنفسهم فيما يُعرَف بالمنهج السقراطي، والذي يعتمد على توجيه الأسئلة إلى الطرف الآخر بهدف استكشاف المزيد عن الموضوع المطروح للنقاش، وفي الوقت ذاته تحفيزه للوصول إلى استنتاجاته الخاصة.
يشيع استخدام هذا النهج التعليمي في كليات القانون حتى يومنا هذا، إذ يناقش الأستاذة الطلاب حول القضايا قيد الدراسة من خلال طرح تساؤلات حول الحجج المقدمة، والسوابق التاريخية، وغيرها من القرائن المتعلقة بالقضية، وبعد تلقِّي الإجابة، يستمر الأستاذ في طلب التفاصيل الإضافية بهدف مساعدة الطلاب على استكشاف المزيد حول طبيعة المجادلات والغوص في أعماق الحجج، ما يُمكِّنهم في نهاية المطاف من تطوير مهاراتهم ليصبحوا محامين أكثر كفاءة.
لم يقتصر دور أفلاطون على استخدام الأسئلة للوصول إلى الإجابات، بل تجاوز ذلك ليشمل تحدي مُدَّعي العلم والمعرفة في موضوعات معينة، وكان منهجه يرتكز على التشكيك في الافتراضات والمفاهيم الراسخة، ما يفضي إلى تحقيق فهم أعمق للموضوعات المطروحة، وتقديم رؤى أكثر وضوحاً حول طبيعة المعرفة نفسها.
لقاء الكبـار: الفلسفة والذكاء الاصطناعي
عندما يجول بخاطرك سؤال ملح، ما أول شيء تفعله؟ على الأرجح تفتح جوالك الذكي وتبحث عنه عبر متصفح جوجل الذي ستجد فيه ضالَّتك في معظم الحالات، ولكن ماذا عن الأسئلة التي تغوص في أعماق النفس البشرية! هل من الممكن أن يقدم لك جوجل إجابات وافية عن المعضلات الأخلاقية والتحديات الإنسانية التي تواجهها في حياتك اليومية؟ وهل يمكن للذكاء الاصطناعي ومحركات البحث أن تمكننا من فهم القضايا المتعلقة بالعدالة، والحق، والباطل، والمعاني التي تشكِّل حياتنا؟ أم أن مثل هذه الأسئلة تتطلَّب منا العودة إلى التأمل والتفكير الفلسفي الذي يتجاوز حدود التقنية؟
سلَّط أفلاطون الضوء على هذه المعضلة منذ آلاف السنوات عندما فرَّق بين المعرفة المتخصِّصة والمعرفة الجماهيرية، ولنفهم هذه المسألة بصورة أوضح، تخيَّل لو أن أفلاطون كان مدعوّاً لحضور إحدى فعاليات Authors@Google التي تنظمها جوجل لمناقشة مزايا اكتساب المعرفة من أهلها مقارنةً باكتسابها من خلال طرح الأسئلة على عدد كبير من الأفراد وتحليل إجاباتهم، وفي سياق كهذا لم يكن أفلاطون ليتردَّد في طرح هذا السؤال الحاسم: إذا أردنا أن نفهم سلوك الخيول، هل نسأل مدرب خيول متمرِّس أم نستقي المعلومات من عامة الجماهير الشغوفين بالخيول؟
ما الذي يقصده أفلاطون بهذا السؤال؟ على الرغم من أن جوجل يوفِّر لنا الكثير من المعلومات المبنية على الخبرات والتساؤلات العامة، فإن المعرفة المتخصِّصة النابعة من الخبرة الحقيقية لا تنبثق إلا من مصادر المعرفة المتخصِّصة، أي أن الاستعانة بأهل الخبرة يوفر إجابات عميقة ودقيقة وعملية، في حين أن الاعتماد على المعلومات العامة يضعنا أمام تجارب فردية ومخصَّصة قد تجانب الصواب.
العقلانية وجوهر الارتقاء بالحياة
قد نختلف حول الطريقة المثالية التي ينبغي أن نعيش بها حياتنا والقيم التي توجِّهنا بينما نطوي صفحاتها، ولكن مهما اتسعت فجوة الاختلاف، يظل العقل نبراساً نسترشد به في جميع مساعينا من وجهة نظر أفلاطون.
الحياة المُجرَّدة من التساؤل والتأمل والتشكيك بالنسبة لأفلاطون هي حياة خاوية، والعقل هو ما يجعل هذه العمليات ممكنة، ويؤكد أفلاطون في كتابه "الاعتذار" أن الحياة لا تكون مبرَّرة إلا من خلال إعمال العقل لفهمنا أنفسنا ودوافع سلوكياتنا، أي أن العقل، وفقاً لأفلاطون، ليس مجرد أداة لفهم العالم الخارجي، بل هو أيضاً أداة لفهم الذات، ومن خلال توظيفه في تحليل حياتنا وتحديد قيمنا، نستطيع أن نحقِّق حياة ذات معنى وتوجُّه واضحين.
عندما نرضخ لعواطفنا وتطلُّعاتنا الشخصية، ربما نحيد عن الطريق الصحيح ونعجز عن اتخاذ ردود الأفعال المناسبة. تخيَّل مثلاً أن أحد موظفيك قد اقترف خطأً فادحاً سيكلِّف شركتك بعض الخسائر. إذا استسلمت لردَّة الفعل الأولى، فعلى الأرجح ستصب عليه غضبك! إلا أن هذا سيزيد الوضع تعقيداً.
ولكن إذا تروَّيت قليلاً وتأمَّلت الموقف عن كثب، ربما تراودك بعض الأفكار التي تحسِّن الوضع أو تنقذ ما يمكن إنقاذه كأدنى تقدير، فضلاً عن أن استيعاب مُقدِّمات هذا الخطأ ستحول دون تكراره مرة أخرى مستقبلاً، ما يساعد على خلق بيئة عمل بنَّاءة وداعمة لثقافة التعلم من الخطأ.
للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com:
-
الحياة شاقة pdf كيف تساعدنا الفلسفة على شق طريقنا في الحياة؟
-
الفلسفة الرواقية الإيجابية: دليل اكتساب المرونة والثقة والطمأنينة
-
المدينة الرقمية الفاضلة pdf هل للحياة معنى في عالم بلا مشاكل
-
التوغل في أعماق الطبيعة البشرية pdf
-
هل دلوك ممتلئ أم فارغ؟ استراتيجيات إيجابية للحياة العملية والشخصية pdf
-
الذكاء المشترك: التكامل بين الذكاء الاصطناعي والبشري pdf
-
التفكير الحدِّي: كيف تغيِّر طريقة تفكيرك pdf
-
أفكار ستغيِّر أفكارك: بريانا ويست بين شفافية الشعراء وعمق الفلاسفة