الإجمالي $ 0
سلة المشتريات
الغريزة اللغوية
يمتلك الصغار فهماً غريزياً للتركيبات النحوية دون تلقين من أحد، وكان أول من أشار إلى أن القواعد النحوية متأصِّلة بالفطرة في أدمغتنا هو العالم اللغوي البارز "نعوم تشومسكي" في نظريَّته حول القواعد العالمية، فالأطفال من وجهة نظره لا يتعلَّمون الكلام من ذويهم أو الأشخاص المحيطين بهم، وإنما من خلال توظيف مهاراتهم النحوية الفطرية، ما يعكس استناد اللغات على اختلافها إلى بنى أساسية متماثلة.
يُدلِّل تشومسكي على نظريته بافتقار الأطفال إلى الحافز الداخلي لتعلُّم القواعد اللغوية في هذه السن المبكرة، هذا إلى جانب أن الأطفال الصمّ يستخدمون القواعد النحوية الصحيحة في لغة الإشارة من دون أن يدرسوها، ما يعني أن فهمهم لتركيبات الأسماء والأفعال غريزي.
أجرى علماء النفس تجربة على طفل أصمّ يُدعى سايمون لوالدين أصمّين. تعلَّم الوالدان لغة الإشارة في الكبر، وبالتالي يشوبها العديد من الأخطاء النحوية. أما سايمون الذي تعلَّم لغة الإشارة فقط من مراقبة والديه، ومن دون دراسة رسمية، فلم يرتكب هذه الأخطاء! يُعزى ذلك إلى امتلاك سايمون لمعرفة غريزية بالقواعد النحوية التي حالت دون ارتكابه لأخطاء والديه.
أساسيَّات اللغة
ترتكز اللغة البشرية إلى مبدأين يعملان على تسهيل التواصل بين الأشخاص:
• أولاً: غموض العلاقة بين الإشارات ومدلولاتها، والذي طرحه لأول مرة العالم اللغوي السويسري فرديناند دي سوسير، ويتَّصل بالطريقة التي نربط بها بين الصوت والمعنى. على سبيل المثال: لا تدلُّ كلمة كلب في نطقها على هذا الحيوان، فلا هي تنبح مثله أو تمشي بنفس طريقته، أي أن الكلمة في حد ذاتها لا تحمل معنى متأصِّلاً، ولكنها رغم ذلك تحتفظ بمعناها المُكتسب.
• ثانياً: قدرة اللغة على توظيف الوسائط المحدودة في تكوين دلالات لا حصر لها، فالإنسان يمتلك مجموعة محددة من الكلمات التي يتقن دمجها وتركيبها لابتكار عدد لا حصر له من التركيبات الأكبر، كالجُمل مثلاً. يتشكَّل فهمنا لهذه التركيبات المتجدِّدة بلا هوادة من خلال ترسيخ بعض القواعد التي تحكم التغيرات الطارئة على تركيبات الكلمات بحيث يكون لكل واحد منها معنى في سياق بعينه. وعلى الرغم من محدودية الكلمات، فإن القواعد النحوية تزوِّدنا بعدد غير محدود من طرق دمجها في جُمل ذات معنى.
اللغة المكتوبة
السؤال الذي يطرح نفسه بدايةً هل: اللغة المكتوبة تسبق اللغة الشفهية في عملية التواصل اللغوي؟ فهل هذا صح أم خطأ؟
تَعرَّفنا فيما سبق على طريقة فهم اللغة الشفهية أو اللغة المنطوقة، فماذا عن اللغة المكتوبة؟ وكيف نفهم الرموز العجيبة المكتوبة في ورقة أو كتاب؟
يبدأ فهمنا للجمل بتحليلها، أو تقسيمها إلى مكوناتها الرئيسة، واستيعاب أدوار هذه المكونات النحوية حتى يتسنَّى لنا فهم معناها، لأن القواعد النحوية هي شفرة تسهل فهمنا لطريقة عمل اللغة، وهي توضح أيّ الأصوات تتوافق مع أي معنى. يُحلِّل العقل بعد ذلك هذه المعلومات ويبحث عن الفاعل والفعل والمفعول وما إلى ذلك، ويدمجها معاً لإضفاء معنى على الجملة المكتوبة.
يشير علماء اللغة إلى نوعين من البحث والتحليل اللغوي:
1. البحث بالعرض (breadth-first search)، يعكس النوع الأول نمط تحليل يُفتِّش عن الكلمات الفردية من أجل تحديد معنى جملة ما. يختلق العقل أثناء بحثه عن الكلمات الفردية معاني غريبة للكلمات الغامضة بشكل مؤقَّت (فمثلاً قد تشير كلمة bug إلى حشرة أو ثغرة يستغلها المخترقون) حتى يصل إلى المعنى المقصود.
2. البحث بالعمق (depth-first search)، فيبحث في الجملة بأكملها نظراً إلى احتواء بعض الجمل على كم هائل من الكلمات التي يتعذَّر على العقل الوقوف عند كل واحدة منها، وبالتالي يختار العقل المعنى الأقرب أو الأكثر أرجحيَّة للجملة.
وتلك هي الطرق التي يستخدمها العقل في تحليل الكلمات والقواعد النحوية وتحويلها إلى معنى يمكن فهمه.
للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com
-
أيها القارئ، عُد إلى الكتاب: كيف نقرأ في العصر الرقمي pdf
-
أين اختفى فن الخطابة الجميل: كيف تكتب محاضرة مؤثرة وتلقيها بحماس
-
أطلس القلب: دور اللغة في فهم مشاعرنا والتعبير عن تجاربنا pdf
-
التدريس بطرق غير تقليدية: رؤية علمية لآلية عمل الدماغ تساعد الطلاب على التعلم pdf