تبدأ عملية البيع برغبة العميل في إحداث تغيير من نوع ما، تليها نية العميل في الشراء ثم حسم القرار وإتمام الصفقة بشراء منتج أو طلب خدمة. أما العقبات التي تواجه البائع فهي سكون واكتفاء العميل بالوضع الراهن، وشراء منتج منافس من مورد آخر، وتردُّد العميل، أو عجز البائع عن إقناع العميل باتخاذ قرار الشراء في الوقت المناسب، ويعد تردد العميل في إتمام الصفقة المعروضة من أقوى العقبات التي تواجه البائعين غير المخضرمين.
وهناك فرق بين التردُّد في الشراء وبين إيثار الوضع الراهن، أي تغليب الوضع الراهن على اتخاذ القرار النهائي بالشراء. في الحالة الأولى يُعرب العميل عن نيته في التغيير، ولكنه لا يستطيع اتخاذ قرار حاسم، حيث إن 26% فقط من العملاء الذين يُبدون استعدادهم للشراء يُكملون العملية بالفعل، فيشترون مباشرةً أو يرسلون أمر الشراء بعد اقتناعهم عملياً ونفسياً.
الخوف ليس الدافع الأول للشراء
بسبب صعوبة التغيير يلعب بعض رجال المبيعات على عنصر الخوف انطلاقاً من الاعتقاد بأن العملاء يشترون دائماً لحل مشكلة ما، أكثر من اهتمامهم بالشراء لأسباب عاطفية أو نفسية، أو لمجرد التقليد، ولكن المعادلة بسيطة، أقنِع العميل بأنَّ تكلفة المجازفة بالتغيير أقل بكثير من الخسارة أو الألم الناتجين عن التحيز للوضع الراهن، وبالفعل تقنع هذه الاستراتيجية العميل بحاجته إلى التغيير، ومن ثم تبني المُنتَج لتنتج عنه نتائج إيجابية لم تكن مطروحة أو مرئية.
وهنا يبرز تحيُّز جديد ناتج عن خوف العميل من العواقب السلبية المحتملة إذا اتخذ القرار الآن، وبدأ في تنفيذ عملية الشراء، لا سيما عند التعامل مع مؤسسة كبيرة تضم الكثير من الإجراءات وصُنَّاع القرار والموظفين المسؤولين عن إتمام عملية البيع التي تكون معقدة في بعض الحالات، وهذا يعني أن البائع هو المسؤول الأول والأخير عن إتمام الصفقات، بالمساهمة في تهيئة وتأهيل مؤسسته لتحقيق الكثير من الصفقات، أو بالعمل مع العميل بشكل إيجابي والتركيز على العلاقة الإنسانية معه لإقناعه بالبائع، ثم بالمنتج أو الخدمة المعروضة.
والحقيقة أنه عندما يقرِّر العملاء التمسُّك بالوضع الراهن، فهذا لأنهم يجدون صعوبة في الكشف عن تردُّدهم المدفوع بالمخاوف من نتائج الشراء، فيتخلُّون عن الفكرة من الأساس، لأن خوفهم من ضياع الفرصة، أي ما سيخسرونه إن لم يشتروا، لا يضاهي خوفهم من الفشل في تحقيق عوائد مغرية بعد الشراء.
نستنتج مما سبق أنه لا يمكن محاربة الخوف بمزيد من الخوف، وإنما ببثِّ جو من الطمأنينة في نفس العميل، وتقديم معلومات جديدة توضح المميزات التي ستعود عليهم من شراء المنتج أو الخدمة، وبذلك نساعد العميل المحتمل على اتخاذ قرار الشراء.
قيِّم مستوى التردُّد
يستطيع البائع الناجح قراءة شخصية العميل واكتشاف مؤشرات التردُّد وتقييم درجاته وأسبابه. وقد أثبتت الإحصائيات أن %84 من فرص البيع لا تتم بسبب تردد العملاء، وهو تردد ناتج عن أحد الأسباب التالية:
• سوء التقدير: أي صعوبة المفاضلة بين الخيارات المتاحة.
• نقص المعلومات: شعور العميل بأنه لا يعرف تفاصيل كافية عن المنتج أو الخدمة أو حتى عن البائع نفسه.
• عدم الثقة في النتائج: قد يساور العميل شيء من الشك حيال النتائج التي يستهدفها من شراء المنتج أو الخدمة، وهنا يجب التفريق بين الشك والتردد. الشك ينتج عن نقص المعلومات، أما التردد فينتج عن شخصية العميل أو شخصية البائع العاجز عن الإقناع.
قدِّم مقترحات ملائمة
ينبغي معرفة دوافع العميل بدقة كي تضع استراتيجية ناجحة، فكثرة الخيارات تعقِّد الأمور وتُصعِّب على العميل اتخاذ القرار. قدِّم لعميلك إرشادات استباقية من واقع خبرتك لتُسهِّل عليه حسم القرار وتزيد فرص إتمام الصفقة.
قاوم رغبتك في استكشاف أفكار العميل
يتعرَّض الكثير من رجال المبيعات للإحباط نتيجة مُجاراة العميل والإجابة عن أسئلته الزائدة عن الحد، ما يؤدِّي إلى التشوُّش والتشتُّت الذهني. أما البائع الماهر فيدير الحوار ويتحكَّم في تدفق المعلومات بما يحفِّز العميل على الشراء، ويفضل في حالة اضطرار البائع إلى طرح المزيد من الأسئلة التركيز على عملية الإغلاق، بدلاً من التركيز على فهم شخصية العميل نفسه، فهدفك الأول هو البيع، فأنت صانع ثروات ومبرم صفقات ولست محللاً نفسياً.
توقَّع مخاوف العميل واعتراضاته المحتملة، وأجب عنها بشكل استباقي، فهذه الطريقة تعزِّز فرص الاقتناع والشراء بنسبة 45%. الإجابة على أسئلة العميل قبل طرحها، والصراحة في مواجهة العميل وإبلاغه بأن هدفك البيع أيضاً وتحقيق عائد لك ولمؤسستك، وليس مجرد خدمة العميل ذاتها، فكل إنسان يعرف أننا نبيع لنربح أيضاً، وأننا نعمل في مؤسسات ربحية، وليس في منظمات أو جمعيات خيرية.
استبعد المخاطر
ادرس المخاطر التي يفكِّر فيها العميل، وقدِّم له الضمانات الكافية لتجنُّب المخاطر المحتملة التي تزيد تردُّده في الشراء. ساعده على اجتياز مخاوفه لكي يتحفَّز لاتخاذ قرار الشراء. وأشهر الضمانات وأكبرها وأكثرها إقناعاً هو التعهد بإعادة المنتج، وضمان أدائه، ليس لسنة واحدة، بل لسنوات قد تطول وتقصر طبقاً لطبيعة المنتج، وطرق استخدامه.
تأليف: ماثيو ديكسون: خبير واستشاري ومدرب في المبيعات وتحسين تجربة العملاء والارتقاء بخدمتهم.
Title: The JOLT Effect: How High Performers Overcome Customer Indecision Author: Matthew Dixon and Ted Mckenna Publisher: Portfolio Pages: 256 ISBN: 978-0593538104