في أحد مساءات عمَّان، أواخر القرن الماضي، وقف طارق سويدان في قاعة ممتلئة بالمُريدين، وقال متنطِّعاً ومضخِّماً صوتَه الحاد: «الله يسامحه نسيم الصمادي، يُطلِق على مفهوم الـReengineering "هندرة"»، هذا هو كل ما قاله، موحياً بأنَّه درَس الهندرةوفهمها، ومتبجِّحاً بالمعرفة! رغم أنَّه لم يقرأ كتاب "مايكل هامر" الذي كنت قد اشتريتُ حقوق ترجمته، وسككتُ عنوانَه العربي بنفسي، وترجمه الزميل المُبدِع شمسُ الدين عثمان، وراجعه كلٌّ من "بندر القحطاني" وأنا. إلا أنَّ محاولة "سويدان" لغسل الأفكار لم تفُت على الجميع، إذ وقف أحد أصدقائي العارفين، وسأله: "ماذا تقصد بقولك: "الله يسامحه نسيم الصمادي؟ هل الترجمة صحيحة أم خاطئة؟ وكيف تُترجمها أنت؟"، فتلعثم الرجل، ولم يحِر جواباً، وهذا كشف حقيقة طارق سويدان.
في ذلك الوقت وما بعده، حين كان العلَّامة طارق سويدان يصول ويجول في قاعات الفنادق العربية، مُلقِّناً جيلاً عربياً ناشئاً مبادئ الإدارة المنقولة والمغشوشة، كان موظَّفه وزميلُه "محمد أكرم العدلوني" يؤلِّف كتاب "العمل المؤسَّسي" لتنشره شركة الإبداع الخليجي التي يملكها طارق سويدان، وقرطبة للإنتاج الفني عام 2002 باسم "العدلوني" كمؤلِّف فردٍ وحده، دون غيره. وعندما أعادت "قرطبة" نشر الكتاب في السعوديَّة عام 2011م الموافق 1432هـ، حاملاً صورة طارق سويدان، وتحت عنوان: "مدخل إلى العمل المؤسَّسي" قارنت بين الطبعتين، وإذا بالكتاب الذي ألَّفه العدلوني وحده، يُجيَّر لصالح طارق سويدان، الذي حوَّله إلى برامج تدريب وحلقات إرشاد إداري، بعد أن نقلَ نصوص كتاب "الهندرة"، منتهكاً حقوق "شعاع"، ومُتحالفاً مع قرطبة، غير عابئٍ بآلاف الدولارات التي دفعتها لمايكل هامر، لتكون "شعاع" وموقعُها Edara.com أوَّل من ينشر الكتاب ونظريَّته الجديدة في إعادة هندسة الإدارة.
تدخل عددٌ من الأصدقاء المُشتَرَكين لحل المشكلة، وهؤلاء سأذكر أسماءهم في كتاب قادم عن دور طارق سويدان في تزوير وغسيل الفكر الإداري العربي، حيث سأوثِّق سرقاته الفكريَّة من خلاصات كتب المدير وكتب شعاع، ومن كتاب "صور من حياة التابعين" للأديب الدكتور المرحوم "عبد الرحمن رأفت الباشا" الذي لم يتمكَّن ورثتُه من مواجهة عرَّاب الفكر المنحول والمنقول طارق سويدان. فما إن يجرؤ أحد على انتقاده، حتى ينبري الآلاف من أشياعه المغسولة عقولهم، ليهاجموه ويتهموه بكلِّ ما اتَّسعت له اللغة العربية من ألفاظ الرَّدح والقَّدح! وهذا ما حدث معي عندما تصدَّيت لسويدان بعد سرقته ترجماتي وخلاصاتي، وأعدتُ تلوين صفحات كتبه وتاريخه بالأسود، بعد كلِّ ما فعله من تلويث وتخمير وتدمير لفكرنا الإداري!
لم أشأ الإفضاء بكلِّ هذه المعلومات إلا بعد أن أصبح "المُدَّعي" مدَّعىً عليه، وخسِر طارق سويدان دعوى حقوق الملكيَّة الفكريَّة التي ادَّعيت ودعوت بها عليه، فبعد تسع سنوات، واصلتُ معركة الحق ضدَّه، وضدَّ صاحب دار قرطبة في الرياض. ولا أنسى في هذا السياق استضافة الإعلامي "عبد الله المديفر" لطارق سويدان ليهاجمني في قناته التي كانت تُسمَّى "رسالة" وصارت "غسَّالة أفكار". في لقائه مع المديفر، وصفني طارق سويدان بالسخيف، والعالم العربي كلُّه يعرف من هو السخيف، ومن هو الشريف. واليوم، من حقِّي أن أطالبِ عبد الله المديفر بعد عَقدٍ من المقاضاة والمعاناة والترافع والتدافع، لأثبت حقِّي من جهة، وحقِّ الإنسان العربي في أن يتبيَّن الحقَّ من الباطل، ويُميِّز الطيِّب من الخبيث. أطالبُ المديفر بمنحي فرصة – ولو متأخِّرة - لأردَّ على طارق سويدان وأبيِّن ما خفي من سرقات وانتهاكات لحقوق المِلكيَّة الفكريَّة في العشرات من كتبه ومنشوراته المزوَّرة، التي كتبَها مؤلِّفون مبتدئون، وختمها السويدان باسمه وصوره الملوَّنة، وهذه هي حقيقة طارق سويدان.
لقد حُسِمت القضيَّة ثلاثَ مرات: الأولى أمام الخالق سبحانه، والذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور! والثانية: أمام اتحاد الناشرين العرب الذي أدان سويدان وقرطبة في صحيفة مفصَّلة ومطوَّلة وحجز على كلِّ نُسخ الكتب غير المبيعة في المخازن، والثالثة أمام هيئة الخبراء المُحلَّفين الذين انتصروا للحق، رغم كلِّ الوساطات ومحاولات التشويش، وهذا ما سأبيِّنه لاحقاً بعد انقضاء الفترة المُتاحة للاستئناف، وستبدي له الأيام القادمة الكثير والمثير، ممَّا كان وما زال جاهلاً.
ربحت القضيَّة مع تعويض معنوي ومادي، بعد تسعة أعوام، والحمد لله. وسأبقى مدافعاً عن حقوق المؤلِّفين والمترجمين العرب حتى النفَس الأخير. أمَّة بلا حُقوق ملكيَّة فكريَّة، هي أمَّة بلا هويَّة!