أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

طرق الحرير الجديدة

طريق الحرير الصيني والنظام العالمي الجديد

بقلم : بيتر فرانكوبان 2024-03-17

الصين وطرق الحرير الجديدة 
في شهر سبتمبر عام 2013، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينج كلمة في جامعة نزارباييف في كازاخستان كشف خلالها عن رؤيته للمستقبل، وجاء توطيد العلاقات مع الدول المجاورة على رأس أولوياته لجمهورية الصين في مجال العلاقات الخارجية، فقد حان الوقت لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي وإحياء الروابط القديمة بين وسط آسيا وجنوبها، واختتم حديثه بأن الصين في طريقها لتشكيل طرق الحرير الجديدة New Silk Roads. 
قد لا تكون مساعي بينج هي الأولى من نوعها في هذا الصدد، فلطالما تشدَّقت إدارتا أوباما وبوش في أمريكا بنواياها لتنشيط التجارة والاتصالات والنقل بين الدول الشرقية، ولكن على مدى السنوات الخمس الأخيرة، لم يكتفِ بينج بالحديث عن مبادرته، إذ سخَّر أموالاً طائلة لتعزيز جهوده الرامية إلى توطيد علاقاته مع الشرق. 
في عام 2015، شرع بنك التصدير والاستيراد الصيني في تمويل أكثر من 1000 مشروع في 50 دولة تقريباً كجزء مما يُطلَق عليه اليوم “مبادرة الحزام والطريق Belt and Road Initiative “، ولا تقتصر المبادرة على دول جنوب شرق آسيا وجنوبها والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وتركيا، وإنما شملت بالمثل بعض دول منطقة البحر الكاريبي وإفريقيا.
شمولية رؤية الصين تعني أن نحو 4.4 مليار شخص سيقعون ضمن النفوذ الصيني، أي أن هذه الطرق التجارية الجديدة التي ستربط بين شرق البحر المتوسط والصين ستخدم ما يزيد عن 63% من سكان العالم، وتستحوذ على 30% تقريباً من إجمالي الناتج العالمي.
تتجاوز الطموحات التي ترمي إليها مبادرة الحزام والطريق مجرد تنشيط التجارة والاقتصاد، إذ صرَّح الرئيس الصيني أن الهدف الرئيس يتمثَّل في بناء نوع جديد من العلاقات الدولية، إذ تُمنح الأولوية للحوار والشراكات في مقابل الصراعات، وتحلُّ الصداقات الحقيقية محلَّ التحالفات الوهمية.
صراع الشرق والغرب
في الوقت الذي تتقطَّع فيه أوصال رموز القوة الغربية وتتّسع المسافة الفاصلة بينها وبين دول العالم، تنخرط قوى الشرق في جهود معاكسة لذلك تماماً من حيث تعزيز العلاقات بين الدول، وإقامة شراكات قائمة على التعاون الصادق، وإيجاد حلول لتحقيق المصالح المشتركة، ومواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً.
شهد التبادل التجاري في الدول الواقعة على امتداد طرق الحرير طفرة كبيرة تبعتها صحوة اقتصادية غير مسبوقة بفضل المؤسسات الاقتصادية المُتعدِّدة الأطراف التي كرَّست جهودها لتعميق الحوار والعلاقات بين الدول.
على الصعيد الآخر، كانت التوجُّهات الأوروبية في السنوات الأخيرة مدفوعةً بالانفصال والمصالح الفردية، وفرض السيطرة المحلية، ووضع الحواجز. ولعلَّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي Brexit هو المثال الأكثر وضوحاً على الشقاق المتنامي. وفي الوقت الذي تتسع فيه الفجوة بين الدول الأوروبية، بدأت فرص تعزيز العلاقات وتحقيق المصالح تلوح في الأفق أمام الصين التي لم تتردَّد لحظة في اغتنامها.
عقَّب الكثير من الباحثين على موقف أوروبا السلبي من الجزُر الصناعية التي أنشأتها الصين في جنوب بحر الصين، والتي يُحتمل أن تستخدمها كقواعد عسكرية، إذ لم تُتَّخذ أي إجراءات ضدها أو تفرض أي عقوبات حيالها، على عكس المتوقَّع. 
صرَّح رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في 2016 أن عقوبات صارِمة ستُفرَض على الصين جرَّاء هذا التصرُّف، ويُعزَى السبب في عدم تنفيذ هذه التصريحات حتى هذه اللحظة إلى النهج الماكر الذي تتبعه الصين في التعامل مع الشقاق الأوروبي، إذ عزَّزت علاقاتها مع أعضاء الاتحاد الأوروبي المناهضين لتوجُّهاته مثل كرواتيا، واليونان، والمجر لضمان عدم تمكُّن الاتحاد الأوروبي من اتخاذ أي إجراءات صارمة ضدَّها. 
ولعلَّ السبب الأهم في قدرة الصين على تمييع ردود أفعال الاتحاد الأوروبي ضدَّها يتمثَّل في استراتيجيتها القائمة على بناء علاقات جديدة في جميع أنحاء العالم وتعزيز القائم منها، فبينما تسعى العديد من القوى الأوروبية مثل بريطانيا إلى إضعاف علاقاتها مع جيرانها، تستهدف الصين توطيدها.
اقرأ ملخصات كتب الإدارة في كل تخصصات إدارة الأعمال وتخصصات الإدارة العامة وكتب الإدارة الحكومية PDF كتب مقروءة وملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com 

تأليف: 
بيتر فرانكوبان: مؤلف وأستاذ التاريخ العالمي في جامعة أكسفورد.

Title: The New Silk Roads: The New Asia and the Remaking of the World Or-der
Author: Peter Frankopan
Publisher: Vintage
Pages: 336
ISBN: 978-0525566700

بقلم : بيتر فرانكوبان