الخروج من منطقة الراحة من أكثر المهام صعوبة على النفس، ولكنَّك لن تُحقِّق المستحيل وتبلغ القمم ما لم تتعلَّم كيف تخرج من دوائر الكسل ومنطقة الراحة أولاً.
توصَّل علماء النفس إلى خمسة تحدِّيات تجعل الإنسان يركن إلى منطقة راحته، ويُطلَق عليها الحواجز النفسيَّة، وهي:
1.تحدِّي الأصالة
تتمثَّل صعوبة الخروج من منطقة الراحة في أن العمل خارج هذه الحدود الوهمية التي يرسمها الشخص لنفسه يبدو غير واقعي وغريباً ولا تقبله النفس، وكأنَّك لم تُخلق لتفعله.
2.تحدِّي الكفاءة
أحياناً يشعر الشخص بأنه لا يمكنه تحقيق النجاح في أي موقف خارج منطقة راحته.
3.تحدِّي الإحباط
حتَّى عندما يدرك الناس احتياجهم إلى تغيير سلوك ما لتجاوز موقف جديد بفاعليَّة، أحياناً يغلب عليهم الشعور بالإحباط أو الاستياء لمجرد التفكير فيما قد تؤول إليه الأمور إذا جرَّبوا شيئاً مختلفاً.
4.تحدِّي الإعجاب
من أكثر الأشياء التي تثير مخاوفنا من خوض أي تجربة جديدة هو ما إن كان الآخرون سيُعجَبون بما سنفعله أم لا؟
5.تحدِّي الأخلاق
أحياناً تتملَّكنا بعض المخاوف والتساؤلات حول مدى أخلاقيَّة السلوك الذي نوشك على القيام به.
ليس ضرورياً أن تُواجه الحواجز الخمسة دفعة واحدة، ومع ذلك حاجز واحد أو اثنان كفيلان بإرجاعك عن قرارك واستسلامك للوضع الراهن.
لا تنجرف في دوَّامة الهروب
الهروب من المُواجهة دوامة خبيثة تستدرجنا جميعاً بدرجات متفاوتة عند مرحلة ما من حياتنا. نختبر هذا الشعور لأوَّل مرة عندما نتخذ قراراً واعياً بعدم تجربة شيء جديد، ويتبع هذا القرار شعور بالارتياح، فنألفه ويصبح التخلِّي عنه أصعب مرة تلو الأخرى، وللخروج من هذه الدوَّامة، يجب أن يكون لديك إحساس عميق بالهدف حتَّى يكون المكسب جديراً بالمشقَّة.
على سبيل المثال: عندما تتأمَّل مساعيك لتطوير حياتك الشخصيَّة أو المهنيَّة، أو مساعدة الآخرين، ستهون عليك الصعاب. المهم أن تكون مدفوعاً باقتناع أصيل وذي مغزى بالنسبة لك، فعندما يمتزج الاقتناع بالتحفيز، ستقاوم رغبتك في الاستسلام بكلِّ قوَّة.
بعد أن تتخذ قرارك بمواجهة مخاوفك، ثق بأن هناك بدائل وحلولاً كثيرة لكل المشكلات التي تتوقَّعها. مثلاً: إن كنت تخشى إلقاء الخطب العامة، فتردَّد على المسارح وشارِك في المؤتمرات، واعتلِ خشبة المسرح التي ستلقي عليها حديثك كجزء من التحضيرات كي تألف الأجواء العامة. أيضاً يمكنك تحضير شرائح “باور بوينت - PowerPoint” لتعرض فيها أفكارك الأساسية أو الاستعانة ببطاقات الملاحظات.
أفضل طريقة لاكتساب القدرة على الصمود ستواجهك عقبات كثيرة أثناء ما تتخذ خطواتك الأولى خارج منطقة راحتك، وأحياناً تتكالب عليك الإحباطات فتفكِّر في الرجوع إلى نقطة الصفر، وهنا يجب أن تتعلَّم كيف تتحلَّى بالمرونة لتصمد أمام الريح.
بناء القدرة على الصمود أشبه ببناء العضلات، فاختبر قدراتك من دون أن تُجهدها، واختر بعناية المواقف التي تمارس فيها هذه القدرات بحيث تختبر وتصقل مهاراتك بعناية، فالتحدِّيات المعقَّدة أكثر من اللازم تضعف قواك وقد ترجعك خطوة -أو خطوات- إلى الوراء. ستحتاج أيضاً إلى تبنِّي ما تُسمِّيه أستاذة علم النفس “كارول دويك” توجُّهاً تعليمياً بنَّاءً؛ بمعنى التعامل مع الأخطاء الحتمية التي سترتكبها كجزء لا يتجزَّأ من عملية بناء المهارات بدلاً من اعتبارها فشلاً.
وأخيراً قاوم رغبتك في الاستسلام، وجرِّب ما تخشاه، فمتى أتيحت لك الفرصة لتجربة شيء ما مراراً وتكراراً، تزول رهبتك تجاهه، والقلق الذي يسبِّبه لك، وهذه مرحلة أساسيَّة في اكتساب مهارة الصمود.
تأليف: آندي مولينسكي: أستاذ الإدارة الدوليَّة والسلوك التنظيمي.