أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

رأسمالية بلا خصوصية

معركة الإنسان أمام القوى التكنولوجية الجديدة

بقلم : شوشانا زوبوف 2023-05-07

كيف توجِّه مؤسسات التكنولوجيا سلوكنا وتبيع بياناتنا؟
رأسمالية المُراقبة هي نظام اقتصادي يقوم على تسليع البيانات الشخصية بهدف تحقيق الربح، وبهذه الطريقة يُضيف أصحاب رؤوس الأموال -القائمة على مراقبتنا- سلعة جديدة إلى قائمة السلع المجردة من الواقع التجريبي للإنسان. بهذا المنطق الجديد تخضع التجربة الإنسانية، في ظل رأسمالية المُراقبة، إلى آليات السوق التي تعيد تصنيفها باعتبارهاسلوكاًيتحوَّل إلى بيانات جاهزة لأخذ دورها في قوائم انتظار لا حصر لها تُغذِّي الآلات التي تحوِّلها إلى تنبُّؤات قابلة للتداول في أسواقبيانات السلوكالمُستقبلية.
يدفعنا تسليع السلوك، تحت مظلة رأسمالية المراقبة، نحو مستقبل مجتمعي، يحتمي فيه السوق بخنادق السِّرية، والتشفير، والتجارب. حتى عندما تعود إلينا المعرفة المستقاة من سلوكناكما في حالةالتخصيص - Personalization” المزعوم- من باب التعويض عن مشاركتناالقسريةلهذه المعلومات، نظل مجرد تروس في عجلة هذا السوق، مُجرَّدين من أي سلطة رسمية تحول دون استمراريته.
تجاوز البيانات السلوكية
إذا كان فيسبوك مجرد شبكة للتواصل الاجتماعي، فلماذا تتَّجه شركةميتانحو تطوير الطائرات المُسيَّرة وتطبيقات الواقع المُعزَّز؟ يُربِك هذا التنوُّع الغريب بعض المُراقبين، ولكن يُشاد به في نهاية المطاف باعتباره استثماراً مدروساً ورهاناً على المستقبل.
ولكن الأنشطة التي تبدو في ظاهرها متنوِّعة وتمتدُّ عبر مجموعة من الصناعات والمشروعات المختلفة بعضها عن بعض هي أنشطة مُوجَّهة إلى ذات الهدف، وهو الحصول على المزيد من البيانات التي لا تقتصر على السلوك.
انتهاك الخصوصية
يمارس أصحاب رأس المال القائم على المراقبة نوعاً من نزع الملكية الرقمية، والذي يفرض شكلاً جديداً من التحكُّم في الأفراد والمجتمعات، وتعدُّ خصوصية الفرد أكثر المجالات تأثراً بهذا التحكم، وتحتاج مواجهته إلى إعادة صياغة خطاب الخصوصية، وقوانينها، وأوجه الاستدلال القضائي.
ويُعدُّانتهاك الخصوصيةأحد أبعاد التفاوت الاجتماعي التي نراها الآن، ولكنه ليس النتيجة الوحيدة لهذا التفاوت؛ فهو نتاج التفاوت المعرفي أيضاً في مجتمع تسيطر فيه رأسمالية المراقبة على كل شيء تقريباً بدايةً من المعرفة، وصُنع القرار، وحتى تحديد من الذي يصنع القرار.
تعديل السلوك الجمعي
أدوات تعديل وتوجيه السلوك المستخدمة اليوم تستهدفنا بلا خجل، فالكل منجرف إلى هذا السوق الجديد. وتسهم كل وسائل الاتصال في خدمة تطلُّعات قوى رأسمالية المراقبة من أجل السيطرة على سلوك البشر لتعزيز الربحية.
تحوَّلت اهتمامات أصحاب رأسمال المراقبة من استخدام الأتمتة بهدف معرفة السلوك، إلى استخدامها بهدف تغيير وتشكيل السلوك حسب مصالحهم الشخصية، حيث تبدَّل مسار هذه العمليات على مدى العقد والنصف الماضيين لتستهدف تحويل سلوك الإنسان نفسه لكي يشبه السلوك الآلي، وفي ظل الانتشار المتنامي لأدوات المراقبة في شتى مناحي الحياة، بات من الصعب، إن لم يكن مستحيلاً، أن نتفادى الوقوع في براثنها.
تحويل السلوك إلى أداة
يهدف السوق الرأسمالي الجديد إلى تحويل السلوك إلى أداة، ثم استخدام هذه الأداة بهدف تعديل السلوك، وتوقُّعه، والتحكُّم به، ثم التربُّح منه.
يتحوَّل الإنسان إلى دمية، ويتحكَّم مُحرِّكو الدُّمى في التجربة الإنسانية بجميع جوانبها بدايةً من التحفيز وحتى التأويل، إلى جانب العلاقات الاجتماعية التي تضع مُحرِّكي الدمى في صميم التجربة الإنسانية، بينما تستغلُّ رأسمالية المراقبة آلياتها لتحوِّلنا إلى أدوات تُحقِّق الأهداف السوقية لأصحاب رأس المال.
تأليف:
شوشانا زوبوف: مؤلفة ثلاثة كتب، كل كتاب منها كان بداية حقبة تكنولوجية جديدة.
للمزيد إليك الكتب التالية:
  1. خلاصة كتاب "ما بعد الإدارة الرقمية"  https://bit.ly/3AaHNr3
  2. خلاصة كتاب "حرب البيانات"  https://bit.ly/3LGf4zF
 
Title: The Age of Surveillance Capitalism: The Fight for a Human Future at the New Frontier of Power
Author: Shoshana Zuboff
Publisher: PublicAffairs
Pages: 704
ISBN: 978-1610395694

بقلم : شوشانا زوبوف