لماذا نصاب بالسِّمنـــة؟

يعتقد معظم خبراء التغذية أن الناس يصابون بالسِّمنة، إذا استهلكوا سعرات حرارية زائدة عن قدرتهم على الحرق، لكن كثيراً من الحالات أثبتت أن حتى الفقراء الذين يعانون من نقص التغذية يمكن أن يصابوا بالسمنة. على سبيل المثال: في بداية القرن العشرين، عاش السكان الأصليون في أمريكا في فقر مدقع، وكانوا يقتاتون على كميات ضئيلة جداً من الطعام، وفي حين أن أطفالهم بدت عليهم أعراض نقص التغذية، فكثير من أمهاتهم كُنَّ سمينات بشدة، وبالتأكيد لم تكن الأمهات يأكلن أكثر من أطفالهن ويتركن الأطفال ليتضوَّروا جوعاً، ومن ثمَّ بدا اعتقاد خبراء التغذية منطقياً ومُقنعاً في البداية، ولكنه غير صحيح.

السمنة ليست خللاً هرمونياً

حتى خمسينيات القرن العشرين، لم يكن هناك أي شك تقريباً في أن الإصابة بالسمنة سببها الخلل الهرموني، غير أنه بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت هذه الفكرة تتلاشى تدريجياً، وساد الاعتقاد بأن السمنة ترجع إلى اضطرابات الأكل.

يرجع هذا التحول إلى الدعاية التي ركَّزت على الارتفاع الحاد في عدد المصابين بأمراض القلب، وفي السبعينيات، هيمنت هذه المشكلة على اهتمام العاملين في ميدان الصحة العامة، ومن ثمَّ سيطرت على المشهد الاقتصادي والسياسي.

ثم تبيَّن أن السمنة وانسداد الشرايين وأمراض القلب قد ترجع إلى تناول الأطعمة الدهنية، واعتقد الجميع أن الدهون هي السبب الرئيس للسمنة، وغيرها من الأمراض، ولذلك ساد الاعتقاد بأن من يريد أن يفقد وزناً، فعليه تقليل كميات الدهون التي يتناولها، لكن الناس لم يفقدوا أوزانهم بهذه الطريقة، وإنما على مرِّ السنين تزداد أعداد المصابين بالسِّمنة وأمراض القلب.

حدِّد مــاذا تــأكل، تــعرف لــماذا تسمن

ليس الكسل ولا الإفراط في الطعام هما سبب إصابتنا بالسمنة، وإنما طبيعة الأكل الذي نتناوله، فهرمون “الأنسولين” هو ردة فعل الجسم تجاه الكربوهيدرات، ويؤدي دوراً محوريّاً في عملية الأيض لأنه مسؤول عن إعادة تدوير الكربوهيدرات والدهون والبروتينات. والأنسولين يُسهِّل تحوُّل الطاقة إلى نسيج عضلي في المكان الذي يحترق فيه، وفي الوقت نفسه، يُحفِّز أنسجتنا الدهنية على تخزين الطاقة غير الضرورية.

والأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، كالحلوى والخبز والبطاطا والمعكرونة والأزر، تملأ مجرى الدم بالسكريات، فتجبر أجسادنا على توزيع الأنسولين، ولكن كلما زاد مستوى الأنسولين، زادَ تحفيز الجسم على تخزين الدهون.

ولذلك فإن الكربوهيدرات لها الأثر الأكبر في آلية تنظيم تراكم الدهون، وهي المسؤولة في النهاية عن الإصابة بالسمنة. وإذا تخلَّصنا من الكربوهيدرات السريعة في نظامنا الغذائي اليومي، فلن نمنع تراكم الدهون فقط، وإنما سنجبر الجسم على تحرير الدهون المُخزَّنة بالفعل وتحويلها إلى طاقة.

تأليف:

جاري توبيس: المؤسس المُشارك والمستشار العلمي لمبادرة علم التغذية (NuSI.org) تخرج في جامعة هارفارد حاصلاً على درجة في الفيزياء التطبيقية.

للمزيد إليك الكتب التالية:

1. خلاصة كتاب "الغذاء لا الدواء"  http://bit.ly/3m8I2iL

2. خلاصة كتاب " أجسام جميلة"  http://bit.ly/3kq157H

Title: Why We Get Fat: And What to Do About It

Author: Gary Taubes

Publisher: Anchor

Pages: 288

ISBN: 978-0307474254