أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

انتحار إلون مسك بتويتر: يغيب العقل إذا غابت الحكمة!

بقلم : نسيم الصمادي 2022-05-01

شغَلَت المغامرة الجنونية التي قام بها "إلون مسك" حين اشترى منصة "تويتر" العالم أجمع، وما زالت تداعياتها تتوالى. وفي ظل الهوجة والموجة، حاول "مَّسك" أن يضفي على قراره بعض الطرافة فصَبَغ تغريداتِه الأخيرة على "تويتره" بروح الفُكاهة.
من أطرف ما قال: "سأشتري ماكدونالدز وأُصلح كل أجهزة بيع الأيس كريم في الشركة"، وفي تغريدة أخرى كتب: "بعد تويتر سأشتري كوكاكولا، وأعيد إضافة الكوكايين للمشروب الشهير". ومع كل هذه السخرية من الشركات الكبرى الأخرى التي يبدو أنه يشتري منتجاتها الرخيصة فعلاً، أتوقع أن تتراجع المَنصة التي تعد ساحةً رقمية للعالم برمته، رغم شهرة وثروة وذكاء مالكها الجديد، وذلك لنفس الأسباب التي دفعته لشرائها.
فما الأسباب الكامنة وراء الصفقة؟
  • "إلون مسك" مصاب بجنون العباقرة الحُكماء، وهذا مرض لا يتم تشخيصه بسهولة، وبالنسبة لـ "مَسْك" الذي يعاني من متلازمة "أسبرجر" وهي نوع من التوحد أو أحد أشكاله، تُعد مثل هذه القرارات الجنونية عادية. فهؤلاء العباقرة الغارقون في عملهم، لايَملون ولا يتعبون ولا يتأملون ولا ينامون. أمثال "مَسْك" يَعتبرون كل شيء ممكناً، وحدودهم تطاول السماء بالمعنى الحرفي للكلمة.
  • في بداية حياته حاول "مَسْك" الحصول على وظيفة، ودخل عالم البيزنس بسبب تضخم الأنا في شخصيته ورفضة لفكرة الفشل. فهو يُخاطر لأبعد مدى يمكن تخيله. وكلما ازداد نجاحاً، يدفعه النجاح غير الكافي لصعود قمة جديدة.
  • "مَسْك" يكره النوم ويود لو يعمل 24 ساعة في اليوم. ولأنه يقوم بدور القائد والمهندس في كل مشروعاته، أراد أن يمتلك شركة لا يستطيع أن يُديرها، وليس هناك أفضل من "تويتر" الذي يحتاج لمهارات تَواصل لا يملكها. ولأنه يمقت السكون والتوقف، فقد استعاض عن البيت بالطائرة، ليواصل التنقل وينام وهو يتحرك.
  • للقرار أبعاد اقتصادية واضحة. "مَسْك" براجماتي غاياته تبرر وسائله وإن تظاهر بالنبل والمثالية وحرصه على مستقبل الإنسانية. دليل ذلك هجومه على العملات المشفرة لتنخفض قيمتها، ثم يشتريها لترتفع فيبيعها. وسيفعل ذلك بـ"تويتر". هو من أقل المليارديرات تبرعاً للأعمال الخيرية، ويقول بأن نماذج أعماله ذات مسؤولية مجتمعية بطبيعتها.
  • كان عدد متابعي "مَسْك" على تويتر 80 مليوناً عندما أعلن عن شراء 9% من أسهم الشركة، وبعد شرائها كلها، يزيد عدد متابعيه مليوناً كل يوم. وقد يصل عدد متابعيه إلى 150 مليوناً بنهاية 2022، ليواصل تسويق علاماته التجارية عبر المنصة التي يحكمها.
  • لـ"إلون مسك" أجندة سياسية واضحة. فهو يميني معتدل يميل للحزب الجمهوري، ولن يكتفي بإعادة تنشيط حساب "دونالد ترامب" على "تويتر" فقط، بل سيدعم أجندات المحافظين وأهمها تخفيض الضرائب ليحافظ على مرتبته كأغنى أثرياء العالم. ولكنه لن يتمكن من تنظيف "تويتر" من خطاب الكراهية كما ادعى.
  • تلتقي مصالح "مَسْك" بمصالح العشرات من قادة العالم، وسيخفف القيود المفروضة على حرية الرأي في "تويتر"، ويحصل على صفقات لـ "تسلا" و "سبيس إكس" بشكل غير مباشر، فيزداد ثراءً من تجارة المعلومات والصواريخ الفضائية وصفقات السيارات الكهربائية. هدفه المعلن من استعمار الفضاء هو إنقاذ البشرية، وهدفه المُعلن لسيارات الكهرباء هو حماية البيئة، والحقيقة أن السيارات والصواريخ الذكية تصلح كأسلحة هجومية. ومع كل هذه التشابكات بين مصالحه ومبادئه، لن يتمكن من فتح "تويتر" للخوارزميين العابثين.
ما رأيكم؟
هل سينجح "مَسْك" في قيادة "تويتر" كما نجح في قيادة مركباته الكهربائية والفضائية؟
لاحظوا أن سيارات "تسلا" وصواريخ "سبيس إكس" ذاتية القيادة، و"تويتر" ليس كذلك، حيث تتقاطع كل التناقضات السياسية والاقتصادية وتتشابك كل شبكات المعلومات حول "تويتر". لا يمكن لـ"تويتر" أن يكون محايداً ولا حراً ولو قادته الملائكة! سيُصاب "تويتر" بنكسة، ويصاب "مَسْك" بالاكتئاب ويرهقه طُموحه وجُموحه. دائماً يطير العقل عندما تطير الحكمة.

بقلم : نسيم الصمادي