أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

كيف نُّطور ونُوظِف شباب هذا الجيل؟

بقلم : أنس الداهود 2022-04-18

في البداية أقول: "الموهبة مستدامة والمهارة مستعارة". ولهذا حاولت في كتابي ReinventingCoaching
"إعادة اختراع الكوتشنج" أن أجيب عن الكثير من الأسئلة التي تصلني. معظم هذه الأسئلة تردنا من شباب تخرجوا أو على وشك التخرج. وهذه هي الأسئلة الخمسة الأكثر إلحاحاً والتي تشغل معظم شباب هذا الجيل، والتي تنبع أهميتها من كونها تشير إلى محور اهتمام الباحثين عن ذواتهم أولاً، وعن مستقبلهم الوظيفي ثانياً.
 
السؤال الأول:
أيهما أهم للنجاح الوظيفي:الموهبة أم المهارة؟
المواهب فطرية وليس للبشر دخل في وجودها، ولكننا نستطيع تنميتها رغم كونها جزءاً من طِباعنا وبصماتنا الجينية. وهي لا تظهر فجأة لأنها تُولَد معنا وتلتصق بشخصياتنا قبل أن نكتسب ولو خبرة واحدة في الحياة.
الموهبة تجعلنا نحب ما نعمل، مهما ساءت ظروف العمل، لأنها تؤثر في أدائنا بالإيجاب وتميزنا عن أقراننا. تبدو ملامِحُها البسيطة في الصغر ثم تُصقل بالتعلم، لأن الإنسان لا يتعلم مواهبه، بل يستخدمها تلقائياً، لكنها تزدهر بالممارسة؛ بينما يضطر الإنسان للعمل بمهاراتِه والتدرب عليها قبل أن يمارسها ويُتقنها، لأنها تأتي من خارج الإنسان وترسخ وتثبت في مخه. المهارة تتحسن كلما تدربنا عليها ومارسناها، وتخبو إذا تركناها، وهذا يؤكد أن الموهبة مُستدامة والمهارة مُستعارة.
 
السؤال الثاني:
كيف نكتشف مواهبنا في سن مبكرة؟
هناك عدة طرق لاكتشاف الموهبة، لكن الأفضل هي فكرة "قصتك" لأن لكل منا قصة. وقد شرحت الفكرة بالتفصيل في الكتاب. كبداية، يمكنك أن تستعيد شريط حياتك وتستدعي ذكرياتك حتى تصل للمرحلة العمرية الحالية، وتُحدد ما كنت تحب عمله أو ما كنت تجده بسيطاً وسهلاً. من خلال "قصتك" ستكتشف موقفاً أثَرتَ فيه انتباهَ أهلك وأصدقائك واستحوذت وحظيت بثناءهم. الخطوة الثانية هي تجربة أشياء كثيرة حتى تشعر بما يجذبُك وما تستمتع بأدائه، فتعرف أن الأداء السلس والممتع ينبعُ من موهبتك. لا تنتظر التخرج من الجامعة لتبدأ أول مشروع في حياتك. استثمر مواهبك التي منحك الله إياها وانخرط في أي مشروع يُلائمك منذ الصغر. والخطوة الثالثة هي الاستعانة بمدرب شخصي متميز تُنقب معه عن وعيك بذاتك فيساعدك على سبر أغوار نفسك. ويمكنك للتأكد من كل ما سبق بسؤال المقربين منك عن أفضل سمات شخصيتك.
 
السؤال الثالث
هل تساعد المقاييس النفسية للشخصية الإنسان على اختيار مجال دراسته؟
نعم، يمكن لاختبارات الشخصية المستندة إلى أسس علمية أن تساعدنا في اختيار تخصصنا الأكاديمي، لكن الإفراط في الاعتماد عليها كليةً خطأ يجب تجنبه. بعد إجراء الاختبار، يُفضل اللجوء لمدرب وفتح حوار معه، ثم العودة لأيام دراستك وتحديد الموضوعات التي كنت متفوقاً فيها. يمكن لاختبارات الشخصية أن تعطيك بعض المؤشرات كأن تكون اجتماعياً، أو تحليلياً، أو استشرافياً أو مُخاطراً أو شغوفاً بالبحث والتعلم. ولكن لا يجب أخذ المقاييس النفسية كمُسَّلَمات من دون ربطها بالسلوك والأداء الطبيعي على أرض الواقع.
 
السؤال الرابع:
ما الوظائف التي يفضل اختيارها في عصر التكنولوجيا والميتافيرس وتغَّوُل التكنولوجيا؟
من المهم أن تأخذ سمات الشخصية في الاعتبار عند التفكير بوظيفة المستقبل، والأهم هو أن يختار الإنسان تطوير مهاراته ووظيفته وفقاً لموهبته، لا وفقاً لما هو متاح له. من المحتمل أن تكون تلك الوظائف قد اندثرت أو أُسندت للروبوتات والذكاء الاصطناعي وقت تخرجك. اختر تخصصك ووظيفتك وفقاً لشخصيتك وتفضيلاتك. في الماضي كان التفضيل للطب والهندسة لأنهما أكثر الوظائف جذباً، لكن غير الموهوبين في المجالين لم يكونوا مبدعين ولا سعداء في العمل في مجالات تتناقض مع شخصياتهم. ينطبق هذا على وظائف التكنولوجيا وكل وظيفة عرفَتْها وستعرفها البشرية.
 
السؤال الخامس:
تُركز في برامج التدريب وفي كتابك على المواهب ونقاط القوة! فهل نتجاهل نقاط ضعفنا مثلاً؟
لا تتجاهل نقاط ضعفك، بل اعرفها، لأنها تزيد وعيك بذاتك. لتتميز بقوة، ركز على تطوير وتوظيف مواهبك. كلنا نتمنى لو أننا بلا نقاط ضعف على الإطلاق، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. الحل الأمثل هو إدارة نقاط ضعفك بأن تعرفها وتفهمها، ثم تبحث عن أشخاص أو أدوات لتعويضها من خلال التعاون والمشاركة partnering. بمعنى آخر، لا تتجاهل نقاط ضعفك تماماً إلا إذا تأكدت أنها لا تسبب أي نوع من المشكلات في حياتك.
 
"نقاط قوتنا نساعد بها الآخرين"
"ونقاط ضعفنا يساعدنا عليها الآخرون"
                     ديانا مرفي

بقلم : أنس الداهود