أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

مَّن أو ماذا تُريد أن تكون؟

بقلم : معالي عثمان 2021-08-22

طلبتُ من طلابي في إحدى المحاضرات أن يتخيّلوا أنفسهم قد عثروا على مصباح علاء الدين السحريّ، وقلتُ لهم: فكّروا بأمنية وحيدة تطلبونها من المارد. فسرحوا بخيالهم وتعدّدت إجاباتهم وتنوّعت. قال بعضهم إنه سيطلب الكثير من المال فلا يُضطرّ للعمل يوماً، فيقضي حياته في التسلية واللهو. وقال آخر إنه يطلب سيّارة أحلامه. سيارة رياضية، حمراء، لامعة، تخطف الأنظار.
إحدى الطالبات طلبت قصراً كبيراً تعيش فيه مع عائلتها بدلاً من منزلهم الصغير.وأرادت أُخرى أن تجوب العالم لتعرف الشعوب وتكتشف القارات، ليردّ عليها زميلها بأنه يريد أن يتجاوز الأرض وينطلق في رحلة للفضاء، عله يكتشف عوالم جديدة.
عدت إلى البيت في ذلك اليوم وأنا أفكر بالسؤال وإجابات الطلاب. إنه حقاً سؤالٌ صعب! قلت لنفسي إن أمنياتهم جميلة، ولكنها ليست مستحيلة، ويمكنهم تحقيقها بدون الحاجة إلى المصباح. فماذا عني؟ ماذا سأتمنى إذا ما عثرت على المصباح يوماً؟! يجب أن أفكر بشيء خارق! شيء لا يمكن تحقيقه من المصباح ومارده السحري.
بعد تأمل طويل، راودتني فكرة. إذا عثرت على مصباح علاء الدين، سأطلب من المارد أن يمنحني شكلاً جديداً، ولو لفترة قصيرة، فأتعرف على العالم من وجهة نظر مختلفة. لطالما اعتقدت أن الأشياء حولنا تعيش في عالمها الخاص، وتفكر وتشعر، ربما ليس مثلنا، ولكن بطريقتها الخاصة والمختلفة، وهذا ما أريد معرفته!
 الآن عرفت الأمنية، بقي أن أحدد الشكل.
ماذا عن الشجرة؟ الأشجار جميلة ومسالمة ومعطاءة. ولكنّ المشكلة أن جذورها ضاربة في الأرض، ما يجعلها ثابتةً لا تتحرّك! وهذه الفكرة مرعبة.
فكرت أن أطلب من المارد أن أصير غيمة. الغُيوم حرةٌ ودائمة السفر، تحملها الريح من مكان لآخر. جميل أن ننظر للغيوم وهي ترسم لوحاتها فوقنا في السماء. لكنّها هشَّةٌ وحياتها قصيرة، وهي بلا ذاكرة.
ماذا عن النار؟ جمالها مهيب، وأحب مشاهدة لهيبها بألوانه الخلابة يتراقص في أمسيات الشتاء الباردة. وهي أيضاً قوية. لكنّ قوتها مخيفة عندما تخرج عن السيطرة. عندما يشتد سعيرها، يتلاشى دفؤها ويحضر دمارها. النار؟ لا، أريدها.
أمضيت عصر ذلك اليوم أفكر في أمنية خيالية أطلبها من ماردٍ خارقٍ، يسكن مصباحاً سحريّاً، بين صفحات قصةٍ خرافية، تخيلها عقل ما، في مكان ما، منذ سنين خَلَت.
أخيراً عرفت ما أريد! سأطلب أن يأخذني المارد الأزرق إلى عالم القصص والحكايات، فأكون فكرةً في كتاب. الأفكار حُرَّة لا يحدّها زمان ولا مكان، هي تنغرس في العقول والقلوب كبذرة، فتنمو وتصير شجرة، وهي تمتلك من القوة ما يجعلها قادرة على تغييرنا، بل وتغيير العالم برمته من حولنا.
هل لديك فكرة أم أنت فكرة؟ بماذا تفكر الآن؟

بقلم : معالي عثمان