أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

سطور من تجربتي

بقلم : نسيم الصمادي 2021-06-03

في شهر يونيو / حزيران من عام 1991، اتخذتْ سيرتي الذاتية مساراً جديداً. كنت أشارك في مؤتمر للجودة في أمريكا، فصادفتُ شركة أمريكية تُلخص أفضل الكتب حديثة الصدور، وتُرسلها للعملاء عبر البريد العادي كل شهر. فاوضتُ تلك الشركة لأترجم ملخصاتها الإنجليزية إلى العربية، فأبوا واستكبروا، فأقسمت أن أخوض التجربة منفرداً، وها هي التجربة ما تزال مستمرة.
صدر العدد الأول من "خلاصات كتب المدير ورجل الأعمال" عام 1992، لتكون شركة "شعاع" التي أسستها لهذا الغرض، المؤسسة الثانية في العالم التي تلخص الكتب بعد تلك الشركة الأمريكية. فكيف صمدت الشركة 30 عاماً، فتحولت مع التحولات، واستبقت المتغيرات، وحافظت على ثقافتها، واحترمت ذاتها، ولم تنجرف للتجارة، والتزمت بأخلاقيات الإدارة، وحافظت على حقوقها، رغم الصعوبات وتكالب الأزمات؟
سأحكي قصتي مع ملخصات كتب الإدارة، من الألف إلى الياء، وفي سلسلة من الحلقات المتواليات، بادئاً بالأسباب الرئيسة لنجاح التجربة، قبل الاستغراق في التفاصيل.
  • النوايا الاستراتيجية: تعوَّدتُ قراءة الكتب وحبَّها منذ صغري، فكنت أشتريها، وأقرأها وأحافظ عليها. فصار هذا الشغف الطفولي الممتد وقوداً دافعاً للمخاطرة، فلم أخف من الخسارة، ولم أجرِ كثيراً من الحسابات بشأن الأرباح والميزانيات. فكنت أقول لكلِّ من يعمل أو يتعامل معي: "المال هو هدفنا الثاني". وحين انحرف من عاصرونا ولحقوا بنا من الخبراء والخطباء والوعّاظ والمدربين و"الكوتشات"، ظل تركيزي منصباً على بناء المشروع وتطويره، دون النظر لما يحدث في السوق. لقد بنيت استراتيجيتي حول نيتي، وظل تركيزي في السنوات الأولى منصباً على تسويق "خلاصات" و"شعاع"، و"إدارة.كوم" لاحقاً، بدلاً من تسويق "نسيم الصمادي."
 
  • المصادفات الذكية: وصلنا في بعض السنوات إلى حافّة الهاوية، وقد حدث ذلك عدة مرات. واجهنا مشكلات مع انطلاق الإنترنت وانفجار فقاعتها في مطلع الألفية، ومع تداعيات الربيع العربي وخسارة أسواق ليبيا وسوريا والعراق، وفي عام 2012 عندما كدت أفقد بصري، وخضعت لعدة عمليات في العيون، ثم أزمة "كوفيد-19" حالياً، وكنّا في كل مرة نخرج أقوى ممّا بدأنا. كنت أشاهد مؤسسات عالمية وعربية تفلس، ومشروعات عملاقة تختفي، وأخرى تندمج أو تغرق في الديون. وكنّا كلما أوشكنا على مواجهة مثل هذه النهايات، نحظى بمصادفة ذكية وسعيدة. من دون تخطيط أو دراسات أو استعانة بخبرات، فيتحفنا أحد العملاء من ذوي الولاء، بمشروع ذي ربحية عالية، فتنقلب الأزمة إلى فرصة، والحلم إلى حقيقة. وفي مرحلة النضج والحكمة آمنتُ بأن "النوايا الاستراتيجية" تصنع "المصادفات الذكية."
 
  • قراءة المستقبلمن المؤكد أن قراءة مئات الكتب، وآلاف الملخصات، وعشرات الآلاف من عروض الكتب، ساعدتني على استباق الأحداث ومواكبة المتغيرات. ثم اكتشفت عام 2006 أن الله قد وهبني ملكة فطرية تمكِّنني من الربط بين المتغيرات. فقد توقعتُ أزمة الرهن العقاري في أمريكا، وبعت بيتي في فلوريدا قبل الأزمة بعام. وتوقعت ارتفاع الدولار مقابل الجنيه، فاشتريت عقاراً في مصر. وتوقعت تراجع الاقتصاد في الأردن وفوضى الضرائب والرسوم، فوزَّعتُ أعمالي بين عدة دول. وتوقعت فوز "ترامب" عام 2016 وخسارته عام 2020، فزادت ثقتي بقدرتي على التنبؤ، وشجاعتي في اتخاذ في القرارات.
 
يستكمل في الحلقة 2
يمكن إرسال الأسئلة عبر موقع وتطبيق
www.edara.com

بقلم : نسيم الصمادي