أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

أفكار وملاحظات خبير في زمن التكسير

بقلم : نسيم الصمادي 2021-03-03

  • أجلس الآن مع صديق أسَّس هذا الأسبوع شركتين في صناعتين مختلفتين، ويفاوض لشراء حصص في شركة ثالثة. قبل يومين، نزَّل تطبيق أحد البنوك وفتح حساباً وحوَّل خمسة آلاف دولار وطلب بطاقة ائتمانية في خمس دقائق، وعندما تسلم البطاقة، غضب من شركة التوصيل لأن إجراءات الاستلام استغرقت خمس دقائق أخرى.
 
  • أخبرني صديق آخر أن متداولي إحدى العملات المشفَّرة، اشتروا وباعوا قططاً رقمية بسبعة ملايين دولار، وأن إحدى القطط الافتراضية بيعت بثلاثة آلاف دولار، ثم 13 ألفاً، ثم بـ32 ألفاً، ووصل ثمنها 63 ألفاً. أي صارت القطة أغلى من "بتكوين"؛ وما زالت القطة لا تموء و"بتكوين" لا تضيف أي قيمة، إطلاقاً.
 
  • "إلون" ماسك يشتري "بتكوين" وينصح بشرائها، و"بل جيتس" يقول: "احذروا!" تُصدق من؟
لا تصدق أحداً لأن عفاريت موقع "ريدت" يلعبون مع الكبار؛ لعبة "القط والفأر"! يرفعون سعر "ستوب جيم" مئات الأضعاف والكبار يصرخون! نصيحتي: لا تفكر في شراء "بتكوين" أو قطط العملات المشفرة إلا لمتعة اللعب، فممارسة الأعمال وتطوير تطبيقاتها ليست أكثر من لعبة، وهي لعبة ممتعة جداً؛ كلنا نلعب، وكلنا نتفرج! ما المشكلة؟
 
  • مسؤولة موارد بشرية في ثاني أكبر شركة استشارات بالعالم تسألني: أمامي ثلاث سير ذاتية لوظيفة مساعد إداري، واحدة كندية من أصل صومالي؛ تتقن أربع لغات وتحمل ثلاث شهادات من أرقى ثلاث جامعات، والثانية ألمانية تحمل شهادة في العلوم وماجستير في الإدارة، والثالثة إنجليزية بخبرة مضيفة جوية وتملك من الجمال ما يفوق الخيال! أيهن أختار؟ قلت: اختاري المضيفة لتنالي استحسان المدير الذي ستساعده، وكنت أعني ما أقول. الألمان لا يصلحون كمساعدين، والصومالية تستحق وظيفة مدير أو مستشار خبير لا وظيفة مساعد كسير.
 
  • بحثت في "لينكدإن" عن كلمة "كوتش" مؤخراً، فوجدت 100 ألف نتيجة في خمس دول عربية فقط. كلنا نعرف أن كل المدربين السابقين والمديرين المفصولين والرياديين المفلسين صاروا "كوتشات". ما يحدث في الواقع أننا "نَكوش" بعضنا بعضاً. وقبل أن تنقبوا في سيرتي "اللينكدانية" أعترف بأنني في سالف الأيام "تكوشت" أيضاً. وجدت كلمة "كوتش" في سيرتي، ولم أحذفها.
 
  • سؤال أخير: هل انتهى عصر الإدارة ودورها؟ "نعم". لم يعد أحد يحتاج مديرين! والسبب ببساطة أنه لم يعد لدينا موظفون! بل إن التسمية لم تعد محببة، وستصبح كلمة "منبوذة" عما قريب. لم تمت الإدارة بسبب جائحة "كورونا" كما نظن! فقد قال "بيتر دراكر" قبل عشرين عاماً: "إن لم تستطع كقائد التنصل من الماضي، ونبذ ثقافة التنظيم، والتخلي عن سلطاتك، فلن تسهم في صنع المستقبل". وها هو المستقبل يُصنع في أجواء افتراضية وأحياناً وهمية! صار نصف الموظفين "رياديين"، والنصف الباقي لا يحتاجون من يديرهم، أو لا يقبلون تلقي الأوامر، ويرفضون ما كنا نسميه "الرقابة".
كيف تدير إنساناً وأنت لا تعرف مكانه؟ وليس من حقك أن تراه لتقرأ لغة جسده!؟ وعندمًا نفكر في الرؤية، نجد لكلٍّ رؤيته! ولا حاجة لنا بالتخطيط بعدما فشلت كل الخطط! وماذا عن الابتكار والاستشراف وإدارة التغيير؟ الكل يدعيها ويعتقد أنه يمارسها. بينما العالم يغير نفسه، والمستقبل يسبقنا دائماً.
 
وبصراحة: لم يبقَ أمامنا سوى الجنون: الابتكار المجنون والريادة المجنونة! ابتكر أي شيء، وأسِّس أيَّ مشروع، بلا هدف أو منتج أو خدمة أو مقر أو موظفين! امشِ في أيِّ اتجاه، وستجد من يتبعك! فكل من يحاول إضافة قيمة، يبدأ بكسر القواعد لا باتباعها. هل نسيت القطة المشفَّرة؟ ثمنها 63 ألف دولار ولا تقول: "ماووو"!

بقلم : نسيم الصمادي