أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

الحياة محاولات

بقلم : رمزي الغزوي - كاتب في صحيفة الدستور الأردنية 2020-09-20

لم أُفاجأ بانضمام السيدة "أليس شوارتز" إلى قائمة أثرياء العالم لهذه السنة العجيبة، فلِمَ لا؟ وهي صاحبة شركة "بايو-راد" المنتجة لفحوص فيروس "كورونا". ولا بدخول "إيريك أس يووان" مؤسس شركة "زووم"، التي صارت خيارنا الأول بعد أن أجبرتنا الجائحة على التعلم والعمل من بيوتنا.
 
بل سأقف قليلاً مع تربُّع مؤسس شركة أمازون "جيف بيزوس" على عرش القائمة للسنة الثالثة على التوالي، بثروة تجاوزت 179 مليار دولار. لن أحلل مصادر ومآلات هذه الثروة. بل سأتوقف عند مقولة لهذا الرجل المثابر، ذي الـ56 عاماً، الذي سلك طريقاً محفوفة بالغموض وبضعف الأمل في الربح السريع.
 
كابد صاحبُنا قبل أكثر من ربع قرن للحصول على مليون دولار لبدء العمل في شركته، التي خصصها للتجارة الإلكترونية بالكتب تحديداً. في زمن كان الكتاب يتهاوى عن عرشه. لكنه ربطَ اندفاعه بما سماه: (إطار تقليل الندم)، ليدفع ويدرأ عن نفسه الندم على عدم المشاركة المبكرة في ثورة كانت حينئذٍ في بدايتها ومفتوحة على كل النهايات.
 
انطلقت أمازون من مرآب منزله، وتشابهت بدايتها مع شركتيّ مايكروسوفت وفيسبوك. وهي الآن تتصدر التجارة العالمية عبر الإنترنت باسمها المثير للدهشة، وبشعار كالبسمة، يبدأ من الألف إلى الياء، متربصاً بحاجات المُستهلك المُتجددة باستمرار؛ ليوفرها بأقصى سرعة ممكنة.
 
لم يكتفِ "بيزوس" بالكتب، بل تخصص في الأقراص الرقمية والمدمجة، وتنزيل وبث الفيديو، وملفات MP3، والكتب الصوتية، والبرمجيات، وألعاب الفيديو، والإلكترونيات، والملابس، والأثاث، والمجوهرات. وأنتج إلكترونيات استهلاكية شاعت واشتهرت حول العالم، ومنها جهاز القراءة الرخيص "كيندل".
 
لقَّنونا في مدارسنا ومجالسنا وعبَّؤوا أدمغتنا بمقولة: "إنك قد تندم على شيء قلته، ولكنك لن تندم أبداً على صمت صمتّه". وعلمونا أن نستنسخ هذا القول المثبّط على كل فعل يراودنا، أو يخطر في بالنا ويراود أفكارنا، فجنحنا إلى الصمت والاستكانة والرضى بالواقع المرير، دون التطلع إلى العشب اليانع في الجهة الأخرى.
 
"جيف بيزوس" الذي عمل في بداياته طاهياً في مطاعم "ماكدونالدز"، قال قولاً يوازي ثروته مرتين بنظري: "كنت أعلم أنني لن أندم إذا فشلت، وكنت أعلم أيضاً أن الشيء الوحيد الذي كنت سأندم عليه هو عدم المحاولة".
 
أهدي روح هذه المقولة والمقالة إلى كلِّ توّاقٍ لشرف المحاولة من شبابنا، حتى ولو بدت تلك المحاولة فاشلة في نظر الآخرين. وأهديها خصيصاً إلى طلبتي المثابرين أينما كانوا الآن في أقاصي الأرض، والذين كدَّ بعضهم وعمل بجدّ من أجل رسوم الجامعة، من دون التقصير في دراسته.
"بالمحاولة نكسر إطار الندم، الحياة محاولات.. ومحاولات"

بقلم : رمزي الغزوي - كاتب في صحيفة الدستور الأردنية