أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

كن غبياً ولا تكن أنانياً

بقلم : نسيم الصمادي 2020-05-21

لماذا؟
لأنه من السهل، بل من المقبول أن تكون أنانياً في زمن "كوفيد 19" وما بعده. في أوقات الأزمات، من حقك أن تُحافظ على مصادر الرزق والحياة. عندما تشاهد أنانية القارات والدول والمنظمات الدولية والمحلية، أنانية القيادات والمؤسسات، ستظن أن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية قد شرَّعت إضافة الأنانية إلى حقوق الإنسان. ففي الأنانية وقاية من الفيروسات، وحماية للصحة والحياة.
 
ولكن، رغم مشروعية الأنانية وطهارتها المستجدة، يبقى الغباء هو الحاكم الفعلي للعالم اليوم. وهذه بعض صنوف الغباء المستحكم حولنا:
  • تلقيت رسالة من "جمعية مستقبل العالم" تدعو الأعضاء للمشاركة في ندوة بعنوان: "لماذا سيكون العالم مختلفاً بعد فيروس كورونا؟" لن أشارك طبعاً! هل حقاً سيكون العالم مختلفاً!؟ ههههه! هل سيكون أقل أنانية أم أقل غباء!؟
 
  • ما زالت القنوات الفضائية العربية والعالمية تستضيف "طلال أبوغزالة" ليؤكد بأن حرباً عالمية ستقع بين أمريكا والصين، وستنتهي هذا العام بتوقيع اتفاقية يتقاسمان فيها العالم كقطبين جديدين. "طلال أبوغزالة" يُفتي في كل شيء: الاقتصاد والمال والأعمال والاستثمار وحقوق الملكية الفكرية ويشارك في كل المنظمات الدولية، وأخيراً راح يفتي في البيئة والصحة والتغير المناخي وعلاج "كوفيد 19". ورغم أنه محاسب شاطر،فهو لم يحسبها جيداً. إن اشتعلت الحرب فعلاً؛ فهل ستنتهي هذا العام؟ ومن دون منتصر ومهزوم؟ هل هي لعبة إلكترونية مثلاً؟ أقول للأستاذ طلال: "اقرأ قليلاً في علم النفس، لتعرف أن "ترامب" رجل أعمال جبان، لا يجرؤ على شن الحروب. نم قرير العين يا أستاذ".
 
  • بعد أن طالب بعلاج المرضى بمستحضرات التطهير "ديتول" و "الكحول الطبي"، خرج "ترامب" بلعبة أطفال جديدة. أمرَ سلاح الجو الأمريكي بأداء ألعاب استعراضية فوق المدن الأمريكية الكبرى لتحفيز الأطباء. وتم بالفعل تنفيذ عشرات الطلعات شاهدها كل الناس ما عدا الممرضين والأطباء. هؤلاء بحاجة إلى كمامات يا بني آدم، لا إلى استعراضات!
 
نقرأ كل يوم عشرات الحكايات والمواقف والطرائف التي تثبت تحول الأنانية إلى سلوك بشري إيجابي، لكن الغباء ما زال سيد كل المواقف. ولهذا آثرتُ أن أترجمَ لكم قصيدة للشاعرة البريطانية الفلبينية الأصل "رومالين آنتِ Romalyn Ante"، ليس لأنها فازت بجوائز أدبية كثيرةفقط، وليس لأنها مبدعة فقط، بل لأنها "ممرضة".
 
أهديكم قصيدة: "دعي عنكِ أنانية ماراموت" التي كتبتها "رومالين آنتِ" بعد يوم عمل شاق في إحدى مستشفيات "ويلفرهامبتون":
("المرء لا يتذكر القصة، ويتذكر الصوت الذي قطَّعَ أوراق الخيزران كما تفعل الريح.
ضغطت الأم على راحة ابنتها، وحذرتها ألا تحذو حذو العملاق الأناني "ماراموت".دمر الله خزائنه المملوءة بالأرز، وتحول محصولُه إلى جراد يحجب شمس المزرعة.
المرء لا يتعلم من القصة، بل من أرجل الجراد المتطايرة عبر أزقة"سان سباستيان".كانت الأم تصلي وسمعت الملائكة في السماوات ارتعاشات شفتيها: "من لا يخشى عذاب الآخرة، لن يأبه بلمسات وتمتمات الأم الحانية". 
ها هي واحدة من ملائكة الرحمة؛ تضع الآيسكريم على طاولة مريض في الحجر الصحي، وتنظر باتجاه المريض الراقد على السرير رقم 18، وهو يروي حكاية نفق المترو الذي صار عنبراً لمرضى "كوفيد 19". وها هي تتقاسم شرائح البيتزا مع الطبيب الذي لم ينم منذ أسبوع، حتى جمَّدَت القروح أطراف أصابعه.
الهواء الثقيل حولنا ليس مُحملاً بالثلج الذي لم يسقط، ولا بشرانق وأرجل الجراد التي سقطت. حيث يستسلم العالم للأبواب المُغلقة، والظلال السوداء المعلقة على شبابيك المستشفى.
ها هي تمشي بزيها الأبيض، في عنبرٍ مظلم طويل، وهي ليست وحدها. راقبوها جيداً الآن، راقبوها ليلة بعد ليلة، ونوبة بعد نوبة، وهي تنتظر الخلاص.)
كُتبت القصيدة ليلة 16 مارس 2020

بقلم : نسيم الصمادي