تنتشر في العالم اليوم موجة من الهوس والشغف بمقاييس الشخصية التي تستند إليها مراكز التقييم والاختيار والتعيين، وترقيات القيادات استناداً إلى المقاييس النفسية، في محاولة لوضع الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة، ولزيادة وعي كل إنسان بسلوكه وقدراته وسماته القوية، وإعادة تشكيل مدركاته وتوقعاته ووعيه بذاته. ومن خلال تجربتنا العملية في استخدام وتطبيق مقاييس الشخصية، تبيَّن لنا أن الاختبارات التي تركز على نقاط القوة وسمات الشخصية الإيجابية هي الأفضل والأدق والأوضح مقارنة بغيرها من المقاييس النفسية، وذلك لأسباب كثيرة منها:
استندت مقاييس الشخصية والمقاييس النفسية إلى نقاط القوة وعلم النفس الإيجابي فأضافت إلى علم النفس 50% من طاقاته وتطبيقاته، من خلال استثمار أجمل ما في الناس بدلاً من علاج المشكلات النفسية فقط. فقد أجريت أبحاث سلوكية وسيكوميترية كثيرة حول العالم لتحسين المقاييس النفسية وبلغت من الدقة مستوى علمياً موثوقاً، يزداد موضوعية وإقناعاً يوماً بعد يوم.
نظراً إلى إقامة مقاييس الشخصية على أسس إيجابية، فإن الخاضعين للقياس يتلقَّونه بصدور رحبة، ويتفاعلون معه، فيزدادون وعياً بسلوكهم ومعرفةً بذواتهم، وإدراكاً لسماتهم الشخصية، والمناطق أو النطاقات التي ينتمون إليها، هل يهتمون بالنظام والتحليل، أم بالوقت والإنتاجية، أم بالناس وفريق العمل، أم بالرؤية والاستراتيجية، أما بالدوافع الكامنة في الداخل، أم بالعلاقات وبناء شبكات ومجموعات ذات اهتماما مشتركة، أو مجاميع إلكترونية متفاعلة.
فمثلاً يقيس اختبار "جالوب" لنقاط القوة والذي يسمى كشاف كليفتون لنقاط القوة 34 جانباً إيجابياً في كل إنسان، ويقرِّر أقوى خمس نقاط قوة وأكثرها فاعلية في حياة المرء، وقد تماهى هذا المقياس مع أبحاث جامعة هارفارد ودراسات "ماسلو" من أن خمسة مستويات تكفي لبلوغ الذروة وتحقيق الذات. كما اندفع مئات الدارسين إلى الغوص العميق في مخ الإنسان عبر المقاييس النفسية، ومزجوا بين التحليل النفسي وتكنولوجيا تصوير المخ، فزادت الثقة في تطبيق مقاييس الشخصية في بيئة العمل والتعليم وإدارة الموارد البشرية وإدارة الأعمال عموماً.
كما أكدت أبحاث التمتين التي قادها نسيم الصمادي منذ عام 2006 أهمية قياس سمات الشخصية وأثمرت عن تطوير مقياس عربي جديد يضم 42 سمة شخصية. وكان أحد مرتكزات نظرية التمتين التي بنى عليها نسيم الصمادي مقياس تريتست Traitest الذي طوره، على أن الإنسان يعيش دائماً في واحد من ثلاثة مستويات للشخصية، هي: الضعيف والقوي والمتين، ويقابلها في اللغة الإنجليزية مستويات: Weak, Strong and Antifragile. فالمتانة هي أعلى درجات القوة ولا يوجد لها مصطلح مقابل يعبر عنها كمفهوم كما أكد نسيم نيكولاس طالب في كتابه Antifragile حيث قال بأن أقوى سمات الشخصية الإيجابية هي أن يصبح الإنسان غير قابل للفشل، ومقاوم لكل الصدمات حتى لا يمكن كسره.
ويمكن قراءة المزيد عن التمتين ومواطن القوة وتطبيقات علم النفس الإيجابي ومقاييس الشخصية والنفسية باستعراض ملخصات كتب الموارد البشرية الصوتية أو بصيغة pdf وذلك على موقع وتطبيق إدارة.كوم edara.com التالي: https://edara.com/Library/Details/101
أما مقاييس الشخصية والمقاييس النفسية المعتمدة والمشهورة الأخرى فمنها:
1. اختبار ديسكDISC
صَمَّم "والتر كلارك" اختبار "ديسك" لتحليل الشخصية عام 1940 ليقيس مدى الهيمنة والتحكم، والتأثير، والثبات، والضمير. الموقع الإلكتروني: DiscProfile.com
2. استبيان محاور الشخصية الستة عشر
نَشر "كاتل"، و"تاتسوكا"، و"إبير" هذا الاستبيان لأول مرة عام 1949 ليقيس الحميمية، والمنطق، والاستقرار العاطفي، والهيمنة، والحيوية، والوعي بالقواعد، والجرأة الاجتماعية، والحساسية، واليقظة، والتجريد، والخصوصية، والتخوف، والانفتاح على التغيير، والاعتماد على الذات، والكمالية، والتوتر.
تقيس مصفوفة "مايرز بريجز" لأنماط الشخصية ما إذا كان الشخص منفتحاً أو منطوياً، يُعالج المعلومات بالاستشعار أم يتبع حدسه، يتخذ القرارات بعقله أم بقلبه، ويتصرف وفقاً لإدراكه أم بإصدار الأحكام. للوصول لاختبار مايرز بريجز ابحث عن: Meyers-Briggs Type Indicator أو استخدم الموقع الإلكتروني: Myersbriggs.org
4. نموذج واستبيان "آيسينك" لأنماط الشخصية
يقيس نموذج "آيسينك" أنماط الشخصية وفقاً لبُعدين مختلفين تماماً: الانفتاح في مقابل الانطواء، والعصابية في مقابل الاستقرار.
7. نموذج ومقياس "هوجان" لجرد وقياس سمات الشخصيةHogan Assessments
يقيس هذا النموذج – الذي قدمه "هوجان" عام 1980 – الشخصية على مستوى النزعات السلوكية المحورية: التكيف، والطموح، والاختلاط الاجتماعي، وحساسية التعامل مع الآخرين، ورجاحة العقل، والفضول، والتعلم.
تُستخدم هذه اللائحة في عدة أغراض أهمها انتقاء الموظفين، والتنمية الفردية، والتخطيط لتعاقب الموظفين، واستبقاء الموظفين، وتدريب التنفيذيين، إلى جانب إبراز تطور الأداء ومحفزات الأفراد.
صمَّم "ماكس كوستيك" هذه اللائحة في مقتبل الستينيات لتغطية جوانب الشخصية المتعلقة ببيئات العمل إلى جانب استنباط السلوكيات والتفضيلات الملائمة للوظائف الشاغرة في بيئة العمل.