الإجمالي $ 0
سلة المشتريات
كيفية الخروج من أزمة الديون
تتراكم الديون على الدول بمرور الوقت من دون أن تتوقَّف لوهلة للتفكير في طرق السداد المحتملة، ولعلَّها تعتمد في ذلك على المبدأ ذاته الذي يتبعه متسلِّقو الجبال الشاهقة، فإذا سألت أحدهم كيف يبلغ هذا الارتفاع من دون خوف سيجيب بلا تردُّد: "أواصل النظر إلى أعلى ولا أنظر أبداً إلى أسفل".
عندما تركن الدول إلى قدرتها على سداد الديون، تشرع في الاستدانة بما يتجاوز قدراتها الفعلية، إذ ينصبُّ تركيزها على اقتراض المزيد والمزيد من المال لتسيير عمليَّاتها ولا تنشغل نهائياً بقدرتها على السداد من عدمها. أخذت هذه الظاهرة تتفاقم حتى اضطرَّت الدول في نهاية المطاف للنظر إلى أسفل وتفاجأت بأنها تستقر فوق جبال من الديون. من هنا انهارت الثقة في هذا النظام المالي المُثقَل بالديون.
ليمان براذرز من الصعود إلى السقوط
أدَّى الإدراك المفاجئ لحجم الديون إلى حالة من الذعر بين الدول والبنوك على مستوى العالم أسفرت عن توقُّف عمليات الإقراض، ولكن السؤال هنا هو: كيف تسبَّب وقف عمليات الإقراض في الأزمة المالية العالمية؟
أسهم العصر الذهبي للاقتراض في خلق فقاعة داخل النظام المالي، فمع تنامي إقبال الدول والمؤسسات والبنوك على الاقتراض، شهد الاقتصاد العالمي طفرة مصطنعة لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع. على سبيل المثال: شرعت البنوك الاستثمارية، وعلى رأسها بنك ليمان براذرز إلى اقتراض مبالغ مالية هائلة من البنوك الأخرى، واستخدمت هذه الأموال المستدانة في شراء وتداول أشكال أخرى من الديون، مثل سندات الرهن العقاري، وحقَّقت استفادة كبيرة منها.
مع تزايُد أرباح هذه البنوك، أخذت في إبطاء عمليَّات الاقتراض لتعظيم الأرباح المتحقِّقة والحفاظ على الوضع القائم، ولكن بمجرَّد تراجع الثقة في الاقتراض ونضوب التدفُّقات الائتمانية، انفجرت الفقاعة وانهار النظام المالي العالمي.
عزفت جميع البنوك والمؤسسات عن إقراض بنك ليمان براذرز بعد أن رأت حجم الديون المتراكمة عليه، وازداد الوضع سوءًا عندما رفضت الحكومة الأمريكية مساعدة البنك على سداد ديونه من خلال خطة إنقاذ، فاضطرَّ البنك في نهاية المطاف إلى تقديم طلب للحماية من الإفلاس.
تسبَّب إفلاس بنك ليمان براذرز في خلق ما يُسمَّى بتأثير الدومينو domino effect الذي تردَّدت أصداؤه في جميع أنحاء العالم، فتكبَّدت البنوك والمؤسسات التي أقرضت البنك خسائر فادحة، ومن ثمَّ اضطرت هي الأخرى إلى وقف عمليات الإقراض.
ولم تقتصر المعاناة على القطاع المالي فحسب، إذ كانت دول مثل اليونان وإسبانيا تُغذِّي عمليات النمو على القروض الضخمة، وبمجرد اندلاع الأزمة، لم تجد هذه الدول أي وسيلة لسداد ديونها.
الديون والقروض في ثوبها الجديد
يتحمَّل معظم الشباب في هذا العصر ديوناً من نوع آخر تأتي في هيئة حسابات جارية مكشوفة أو قروض تعليم أو إسكان. والسهولة التي باتت تتراكم بها الديون هي تطوُّر من نوع جديد نسبياً، فقد اعتاد أسلافنا الذين نجوا من الكساد الاقتصادي العظيم، على نبذ الاقتراض حتى وإن اضطروا إلى الأكل من القمامة، حتى أبناء جيل طفرة المواليد –ما بين 1946 و1964– ما زالوا يخشون الديون باعتبارها مخرجاً غير مقبول ولا معتاد، كما كانوا ينظرون إلى الإنسان المدين على أنه يعيش حياة مسرفة تتجاوز إمكانياته، ولم تكن الحلول الائتمانية شائعة آنذاك، إذ كان بإمكان الفرد استئجار منزله والعمل في شركة واحدة طوال حياته مقابل دخل ثابت.
أما اليوم فقد تغيَّرت الطريقة التي تتعامل بها الثقافات والمجتمعات مع الأوضاع المالية، فمع انخفاض أسعار الفائدة، وتنامي المشروعات الريادية، وتراجع ممارسات العمل التقليدية، تغيَّرت نظرة الأفراد للاستدانة وزاد استعدادهم لأخذ القروض بهدف تأسيس الأعمال والمشروعات، أو تمويل التعليم، أو شراء منزل.
بينما رفضت الأجيال السابقة الاستدانة بكل أشكالها، تقبَّلتها الأجيال الصاعدة كطريقة حتمية للعيش وتلبية متطلَّبات الحياة، إلا إن تراكم الديون بما يتجاوز إمكانات الفرد الفعلية لا يخلق صراعاً بين الأجيال فحسب، وإنما يخلق أزمات مستقبلية سيتجرَّع مرارتها الجميع بلا استثناء.
للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com
-
كيف نجتاز أزمة الديون: دورة الديون وتحقيق الاستدامة المالية
-
تفنيد الخرافات الاستثمارية: كيف تواجه الأزمات المالية التي تعصف بالأسواق العالمية
-
الانهيار المالي عام 2008: الرهن العقاري وانهيار أسواق المال العالمية
-
حكومة العالم الاقتصادية : من 1933 إلى 2023 pdf
-
التضخم الاقتصادي: القيادة والتضخم والركود التضخمي والكساد
-
السياسات النقدية في القرن الحادي والعشرين
-
وهم التحكم: لماذا تحدث الأزمات المالية وكيف نتجنبها؟
-
إيجابيات التضخّم : موجات التضخم والركود التضخمي والانكماش الاقتصادي القادم pdf