إبطاء الزمن

رفاهية إبطاء الزمن
نسمع كثيراً عن استراتيجيات إدارة الوقت، ولكننا الآن وبسبب ضغوط الحياة الطاحنة أصبحنا بحاجة ماسَّة إلى تعلم فن “التحكم” في الوقت، وليس إدارته فحسب، لنستعيد التواصل مع أنفسنا ونستمتع بحياتنا، وعندما تستوعب فلسفة اليقظة الذهنية ومردودها على الصحة النفسية والجسدية والعقلية، تكون قد حقَّقت ما يُسمَّى “الرفاهية”، وهي درجة من الوعي تمكنك من تحقيق أهدافك من دون تشتُّت أو ارتباك ضمن الإطار الزمني المتاح. 

ماذا تفعل في وقت فراغك؟
هل تُحدِّق في شاشة هاتفك وتتنقَّل بعشوائية بين منصات التواصل الاجتماعي، أم تهدر وقتك الثمين أمام شاشة التلفاز تتنقَّل في ضجر بين قناة وأخرى؟ إذا تعاملت مع الوقت بمنظور حسابي، فستجده يتصف بالجمود، حيث تتكوَّن الساعة من 60 دقيقة، وهي قيمة ثابتة لا يمكن أن تتغيَّر، ولكن ليست كل الساعات سواء، فساعة واحدة قد تُعادل في قيمتها عشرات الساعات إذا تعاملت بحكمة مع العناصر الثلاثة التالية: 

1-كيف تقضي وقتك؟
الساعة التي تقضيها في ممارسة نشاط مفيد وممتع أثمن بكثير من تلك التي تهدرها في ممارسات غير مجدية. اختر أنشطة وقت فراغك بعناية بحيث تُحسِّن حياتك، أو تثري معرفتك، أو ترفع لياقتك البدنية. 

2- حجم طاقتك
نعرف جميعاً مشقة القيام بعمل جاد بينما تكون طاقتنا في أدنى مستوياتها. على النقيض، عندما نكون بكامل طاقتنا، نحقِّق أقصى استفادة مُمكنة من الوقت ونستمتع بكل ما نفعل. استكشف الأنشطة التي تجدِّد طاقتك، وخصِّص لها وقتاً في جدولك اليومي.

3- مدى يقظتك
اليقظة هي أن تكون حاضر الذهن في اللحظة الحالية، ما يُسهِّل عليك الاستمتاع بكل دقيقة. أما إذا بقيت عالقاً بين تجارب الماضي ومخاوف المستقبل، فسيغلبك الشعور بالحزن أو القلق ولن تحقق أي إنجاز. 

وزع مواردك حسب أولوياتك
تخيَّل حياتك حديقة زاخرة بالنباتات التي تودُّ الاعتناء بها لتزدهر وتُنتج أطيب الثمار، ولكن المساحة صغيرة والمياه محدودة. تُمثِّل كل نبتة في الحديقة مجالاً من مجالات حياتك يحتاج إلى الرعاية والاهتمام لكي ينمو ويزدهر، كالعلاقات أو الوضع المالي أو اللياقة البدنية أو الجانب الروحاني. أما الماء فيشير إلى وقتك وطاقتك وتركيزك. فإذا أردت لهذه النباتات أن تزدهر، يجب أن تكون انتقائياً وتُرتِّب أهدافك وفقاً لأولويَّتها.

احصر مواردك وخصِّصها على النحو الأمثل لأنك إذا سكبت الكثير من الماء على نبتة واحدة أو في حيِّز ضيق، فستموت بقية النباتات عطشاً، وهذا ما يحدث عندما يبالغ بعض الأشخاص في التركيز على جانب واحد، مثل العمل، ويُهملون جوانب حياتهم الأخرى، كالعلاقات والصحة. 

استشعار التجربة هو جوهر اليقظة
هل سبق لك أن أنهيت طعامك ثم تعجبَّت من سرعة انتهائه وتضايقت لأنك لم تستشعر لذَّته؟ ألا يُزعجك انقضاء اللحظات السعيدة بسرعة من دون أن تستمتع بها؟ 

كل ما عليك فعله لحل هذه المشكلة هو وضع هاتفك أو أياً كان ما يُلهيك جانباً، والتركيز بذهنك وجوارحك على التجربة التي تعيشها. جرِّب ذلك في وجبتك التالية وسترى كيف يصنع فارقاً، وتذكَّر أن الأمر لا يقف عند التخلُّص من الملهيات الخارجية، فالأهم هو التخلص من الضوضاء الداخلية التي تُعكر صفو حياتك. 

تناول طعامك ببطء، وتأمل رائحته الزكية وألوانه الجذابة ومذاقه الشهي. استمتع بالتجربة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وطبِّق ذلك على كل لحظاتك السعيدة؛ فهذا هو جوهر اليقظة.

عندما تعزز يقظتك، تترسَّخ التجارب الإيجابية داخل عقلك لتحل محل الأفكار السلبية والذكريات المؤلمة، ومن ثم تتجدَّد طاقتك ويزيد إقبالك على الحياة وتتضاعف إنتاجيتك. 

تأليف:
بيدرام شوجاي: طبيب بارع في الطب الصيني، ألقى محاضرات عديدة عن السلامة العقلية في عصر الضغوط النفسية.

للمزيد إليك الكتب التالية:

1. خلاصة كتاب "ادخار الوقت"

2. خلاصة كتاب "أربعة آلاف أسبوع"

Title: The Art of Stopping Time: Practical Mindfulness for Busy People
Author: Pedram Shojai
Publisher: Rodale Books
Pages: 224
ISBN: 978-162336909