عندما نفكِّر في مستقبلنا البعيد، قد يعجز خيالنا عن تصوُّر رؤية واضحة له، ولكننا بحاجة إلى أن نرسم صورة المُستقبل الذي نريده، ونساعد الآخرين على أن يتخيَّلوا مستقبلاً أكثر إيجابية وتفاؤلاً، لأننا عندما نؤمن بتصوُّرنا عن المستقبل، فإننا نجد طريقة لتحقيقه.
كيف نبلغ المستقبل المنشود؟
“المستقبل” و”المألوف” كلمتان متناقضتان إلى حدٍّ كبير، فالمستقبل يبدو صورة خيالية عن واقع لم يأتِ بعد، البعض يمكنه تخيُّله والتقدُّم نحوه، بينما الآخرون لا يمكنهم. ولكن عندما نفكِّر في الوضع المعتاد، نجده أمراً مألوفاً للجميع، حتى أننا نحبُّ هذه الكلمة ونتمنَّى أن نصف بها المستقبل، لأن هناك كثيراً من الابتكارات التي يمكن أن تؤثِّر في حياتنا بأكملها، ونحاول أن نتخيَّل ما يمكن أن يحدث إذا تحقَّقت إحدى هذه الأفكار وأصبحت جزءاً من الوضع الحالي المألوف والمعتاد. كيف إذن نبني مُستقبلاً إيجابياً، ولكن معتاداً بدلاً من المستقبل الغامض الذي يعتمد إلى حدٍّ كبير على الصدفة؟
التصوُّر السليم يحتاج إلى أسئلة كثيرة
التفكير والتساؤل يجعل المستقبل أكثر وضوحاً، فيمكننا أن نسأل أنفسنا مثلاً ماذا لو أصبحنا جزءاً من الأفلام الترفيهية التي نشاهدها بحيث نشارك فيها بدلاً من المشاهدة السلبية؟ أو ماذا لو ساعدَ سدُّ الفجوة بين الأجيال على تبديد الشعور بالوحدة؟
على سبيل المثال: في مجمع شقق في السويد، يشترط عقد الإيجار على السكان موافقتهم على مخالطة جيرانهم على الأقل ساعتين أسبوعيّاً، إذ إن حوالي نصف السكان في هذه الشقق تجاوزوا السبعين من أعمارهم، وبقية الشقق مؤجَّرَة لشباب تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة، كما أن هناك 10 شقق مُخصَّصة للاجئين، وغالبية الذين يعيشون في مجمع الشقق هذا عبَّروا عن شعورهم بالتواصل والرفاه الاجتماعي.
طموحاتنا التكنولوجية تكشف المستقبل
مع ظهور الجائحة، تهافت الجميع على تطبيق للمحادثة الصوتية يُعرَف باسم “Clubhouse” يمكنك التحدُّث من خلاله والاستمتاع برفقة الآخرين صوتيّاً، وبعدها بفترة وجيزة أصبح الناس جميعاً يُجرِّبون الذكاء الاصطناعي، ويحاولون أن يتعرَّفوا على برنامج “ChatGPT” تحديداً، وكيف يمكن أن يُبدِّل طريقة أدائنا لأعمالنا وحياتنا في مجملها.
خلال هذه الفترة الوجيزة التي امتدَّت لثلاث سنوات، شهدنا تغييرات كبيرة. أدركنا خلالها أن الاهتمام بالمستقبل لا يحتاج إلى التركيز على التكنولوجيا الحالية أو الوضع المعتاد الآن، وإنما يحتاج إلى التركيز على البشر واحتياجاتهم وتطلُّعاتهم.
كيف تجعلنا التكنولوجيا نشعر بأمانٍ أكثر؟ وكيف تجعلنا أكثر تكيُّفاً مع حاضرنا؟ وكيف تساعدنا على مشاركة هويَّتنا؟ هذه هي العناصر البشرية الأساسية التي يتعيَّن علينا الانتباه لها، ففي كل مرة ندرس المُستقبل نعكُف على دراسة السلوك البشري لأنه أساس التطوُّر بشكل عام، وبهذه الطريقة يمكننا فهم التغيُّرات التي تطرأ على أسلوب تفكيرنا.
إذا ركَّزنا اهتمامنا على ردود أفعالنا تجاه التكنولوجيا الجديدة وسبل استخدامنا لها بدلاً من التركيز على التكنولوجيا بحدِّ ذاتها، فسيمكِّننا تصوُّر المستقبل على نحو أوضح وأكثر تفاؤلاً.
تأليف: روهيت بهارجافا: خبير رائد في التسويق والاتجاهات البارزة والابتكار.
Title: The Future Normal: How We Will Live, Work and Thrive in the Next Decade Author: Rohit Bhargava Publisher: Ideapress Publishing Pages: 336 ISBN: 978-164687065