وَمع دُخولِنا عَصرِ الثّورةِ الصّناعيّةِ الرّابعةِ وَالتّطورِ الكبيرِ في تَخزينِ البياناتِ وَتحليلِها، زاد الاهتمامُ بالذّكاءِ الاصطِنَاعيِّ (AI) وَتحليلِ البياناتِ الضّخمةِ، والذّكاءُ الاصطِنَاعيُّ هو قُدرةُ نظم الكُمبيوترِ على أداءِ المَهامِ الّتي تَتطلّبُ الذّكاءَ البَشريَّ والاستنباطَ والمقارنةَ والإبداعَ والابتكارَ وَالتّمييزَ.
ولقد أحدثَ التّطورُ المُتسارعُ في تُكنولُوجيَا المَعلوماتِ والاتصالِ تَغييراً جَذرياً في بِنيةِ قَواعدِ البَياناتِ وأدائها، لدَرجةٍ تَفوقُ قُدرةَ خوارزمياتِ قواعدِ البياناتِ على تجميعها وَتخزينِها وَإدارتِها. لقد صارت قواعدِ البَياناتِ ذات بِنيةِ مُعقّدة، فصار يطلق عليها بُحيرةُ البيانات التي تشبه المنجمِ، لِمَا تَحتويهِ مِن كُنوزٍ ضَخمةٍ مِن المعلُوماتِ. فعندما ننقبُ في هذهِ المَناجِمِ نحصُلُ على مؤشّراتٍ اقتصَاديّةٍ وَاجتمَاعيّةٍ وَصحيّةٍ وَسياسيّةٍ وَغيرِها، يُمكِنُ أنْ تُستخدَم في تَحسينِ جُودةِ وَنوعيّةِ أداءِ المُوظّفين. فنحن فعلاً أغنياءٌ في البَياناتِ ولكن فُقراءٌ في المَعرفة.
وتستثمرُ أغلّبُ المُؤسّساتِ على الأكثَرِ 10% من كُنوزِ البَيانَاتِ المتاحة لها لأنها تديرها بطريقة تّقليديّةَ، فتعجزُ عن استخرَاجِ المَعرفةِ مِنها، ما يُؤدّي إلى ضعفِ القَراراتِ وَالخُططِ المُستقبليّةِ المُستمدّةِ مِنها لِتطويرِ العمليّةِ التّدريبيّةِ في المُؤسّسةِ. وَمن هُنا يُمكنُ اعتبار بُحيرةِ البَياناتِ المُؤسّسيةِ المَادّةَ الخَامَ لِتحديدِ الاحتيَاجاتِ التّدريبيّةِ للمُوظّفين.
يحتاجُ خُبراءُ التّعلّمِ وَالتّدريبِ وّالتّطويرِ إلى مُواكبَةِ التّكنولوجيَا لتَحسينِ تَجرُبَةِ التّعلُّمِ وَالنّتائجِ، وَتطويرِ استرَاتيجيّاتٍ وَمَنهجيّاتِ تَعلّمٍ جَديدةٍ. فمثلاً يَتوقّعُ تَقريرٌ لشركة "جارتنر" أنّ روبُوتات الذّكاء الاصطِنَاعيّ سَتعملُ على تَشغيلِ 85 في المائة مِن تَفاعلاتِ خِدمةِ المتعاملين بعدَ عام 2020، وَيَذكُرُ تَقريرٌ آخرٌ أنّ 20 في المائة مِن مُحتوى الأعمالِ سَتتمُّ كِتابَتهُ بواسِطةِ الذكاءِ الاصطناعيِّ، كمَا ويَتوقّعُ بنكُ "أوف أمريكا" أن يَقودَ الذّكاء الاصطِنَاعيّ مَا بينَ 14-33 تريليون دُولار سنويّاً منَ النّموِّ الاقتصاديِّ بحلولِ عامِ 2025. وهذا يؤكد أنه سَيكونُ لِلذّكاءِ الاصطنَاعيِّ تَأثيرٌ كَبيرٌ على صِناعَةِ التّعلّمِ وَالتّطويرِ بِسببِ امتلَاكِ المُؤسّساتِ لِكميّات هَائلَةٍ مِنَ البَيانَاتِ، والمعارف المستنبطة منها.