قبل أحد عشر عاماً رشَّحني أخي للعمل مع شركة شعاع للإعلام العلمي، التي تحوَّلت فيما بعد إلى إدارة للاستشارات والتدريب، بعد تطوير موقعيها edara.com و bestbookbriefings.com لأعمل في مشروع لعروض الكتب. استمر المشروع لفترة ثم توقَّف، فأسندوا إليَّ مهمة أكثر حميمية، وهي مراجعة المختار الإداري وعلاقات، وسلسلة خلاصات كتب المدير، ثم خلاصات كتب التربية والتعليم، كما أُسنِدَت إليَّ مهام أخرى كنت أشرف بها.
قبل أيام واجهت تحدِّياتٍ كثيرة في عملي، لكنَّني اكتشفت حقيقة في غاية الأهمية.. وهي أنني تعلمت كثيراً من رجل المهام الصعبة، وصاحب نظرية “التمتين” القائد المُلهم، والمعلم الصبور، والمستشرف صادق الحس.
أعترف أن ذلك الرجل هو أحد شخصين كان لكلٍّ منهما دوره غير المنكور في حياتي العملية، إضافةً إلى استلهامي من كلٍّ منهما نقاطاً كثيرة وأساسية لمنهجي في الحياة، الشخص الآخر هو الأخ الأكبر والأب الروحي وصاحب المعروف والصنائع الجميلة والأيادي البيضاء في عملي بالحكومة، وفي حياتي بعامة، الدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة الأسبق.
تعلَّمت على يد نسيم الصمادي كيف أتذوَّق العبارة، وكيف أحبُّ الجملة فتعطيني ذاتها وتتيح لي التشكيل والبناء (التشكيل أي التكوين، وليس الشكل).. تعلَّمت منه كيف أتشبَّث ببارقة الأمل، حتى تصير شجرةً مثمرةً أُهدي من ثمارها الأصدقاء والمقرَّبين.. حتى أطلق عليَّ بعضهم “المحفِّز”، فتذكَّرت قول الشاعر الفرنسي بول فاليري: “ما الليث إلا عدة خراف مهضومة”، فلو صح ذلك القول، فما أنا إلا حاصل جمع أحد عشر عاماً من خلاصات كتب المدير والمختار الإداري وعلاقات، ولا أنسى سلاسل ملخصات كتب أخرى تم تطويرها لحساب مؤسسات عربية في دول الخليج العربي. لقد انتهى التعاقد مع بعض تلك المؤسسات، لكنَّ إيمان الرجل لم ينتهِ، وما مر سوى أسابيع قليلة وقد أتحفنا بمشروع جديد آمل أن يكون امتداداً لنجاحات متصلة ومتواصلة.
لقد كان التحدي الأكبر الذي واجهني هو أن تتسع قاعدة عملي إلى التحرير جنباً إلى جنب مع التدقيق، ولكم كانت مهمةً شاقة، وإن لم أكن مارستها من قبل مع إدارة دوت كوم إلا في نطاق محدود وفي مشروعات محددة، فقد هيَّأتني تلك المؤسسة الرائعة لأن أصبح محرِّرة متميزة (باعتراف رؤسائي في العمل)، فقد كنت أقرأ الخلاصات بشغف وحب شديدين، والأهم بيقين وثقة وتصديق لا نهائي لما يرد فيهما من عصارة أفكار وآراء وتجارب نقلَها باحترافية وحرَّرها بدقة فريق عمل متميِّز يقوده ذلك المايسترو العظيم.
ولكم أسعدني أن رأيت اليوم أولى خلاصات مشروع جديد، ودأب متجدِّد، ويقين بالنجاح متجسِّداً في شخص قائد مثابر وصاحب رسالة اسمه “نسيم الصمادي”. وأكثر ما يثير عجبي أنه لم تقم أي مؤسسة عربية حتى اليوم بتكريم هذا الرجل الذي كرَّس حياته لمشروع عظيم. يتم تكريم القاصي والداني كل يوم في عالمنا العربي؛ ويُنسى من يستحقون التكريم، ومع ذلك يواصلون بذل مزيدٍ من الجهد من أجل رفعة هذه الأمة المتعبة.