الرئيسية / المقالات

إعادة اختراع القيادة

بساطة القيادة في الحياة والعمل

بقلم : جون ميدا 2024-11-14

في عالم مليء بالتعقيدات والتغيرات السريعة، تبرز الحاجة إلى نماذج قيادة تتسم بالمرونة والابتكار، وإلى تطوير أساليب قيادية تواكب العصر الحديث وتلبِّي احتياجاته. وتُظهر الاتجاهات الجديدة الدور الذي تلعبه البساطة في القيادة على تجاوز التعقيدات، ووضوح الأهداف، وتعزيز التفاعل المثمر داخل فرق العمل. وقد تجلى هذا في كتاب إعادة اختراع القيادة تأليف: وارين بينيس وروبرت تاونسند.

التواصل الإنساني في العمل
يُلقي القادة عدداً كبيراً من الرسائل والتوجيهات إلى مرؤوسيهم غير آبهين بمدى فهمهم لجوهرها وأهدافها. وعلى الرغم من تعدُّد أشكال التواصل بين القادة وفرق العمل، فإن أفضلها على الإطلاق هو التواصل وجهاً لوجه، إذ يعزِّز التواصل المباشر الفهم المتبادل بين الأفراد ويقوي العلاقات فيما بينهم، كما يساعد على بناء الثقة وإظهار الالتزام الحقيقي للقائد تجاه فريقه، فضلاً عن تعزيز الجانب الإنساني والعاطفي لعلاقات العمل.

يرتكز التواصل المباشر الناجح إلى عدة استراتيجيات، أهمها تضمين الأمثلة والحقائق التي توضِّح المغزى وتدعم وجهة النظر، إذ يسهل على الإنسان فهم المعلومات المُقدَّمة ما دامت مدعومة بأمثلة تضفي عليها قدراً من الواقعية والموثوقية.

إذا أردت على سبيل المثال صياغة رسالة بريد إلكتروني تحثُّ على تحمُّل المسؤولية، ستحتاج إلى توضيح مقصدك ومعاييرك على وجه الدقة، فيمكنك الإشارة إلى أن إخلال أحد أعضاء فريق العمل بمسؤولياته سيعني اضطرار عضو آخر إلى البقاء لوقت متأخر لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وسيساعد هذا المثال في توضيح وجهة نظرك.

إدارة الاجتماعات الدورية
لكي تعزِّز شعور فريق العمل بأنهم جزء من كيان واحد، يجب أن تجمعهم حول مائدة واحدة بوتيرة متكرِّرة، فالفرق لا تكتسب مشاعر الألفة والتآزر بمجرد تشكيلها، وإنما تتولَّد هذه المشاعر عندما يلتقي أعضاء الفريق على أرض الواقع حيث يمكنهم تبادل الأفكار وبناء علاقات قوية وثقة متبادلة، إذ تساهم اللقاءات الشخصية في توطيد الروابط بين أعضاء الفريق، وتحسين التعاون والتفاهم، ومن ثم تعزيز الروح الجماعية والالتفاف حول هدف مشترك.

يتعيَّن على القائد تنظيم عدة اجتماعات طوال فترة تنفيذ المشاريع لتنسيق الجهود ومناقشة الاستراتيجيات وإيجاد حلول للمشكلات الطارئة، وبما أن الاجتماعات ليست الاستثمار الأفضل للوقت من وجهة نظر معظم الموظفين، يتحمَّل القائد مسؤولية وضع جداول أعمال موجزة تتناول الموضوعات المهمة وتحدِّد الأهداف والخطوات التالية وتوزِّع المهام والمسؤوليات بوضوح دون التطرُّق إلى موضوعات جانبية تهدر الوقت والجهد. تساعد هذه الاستراتيجية على تعزيز بساطة الاجتماعات وجاذبيتها وتحقيق أعلى قدر من الإنتاجية.

مبادئ القيادة والقيم الإنسانية
يفترض بعض القادة أن القيادة القوية تقتصر على تسيير العمل وفق قواعد صارمة ومعايير منضبطة تفضي إلى إنجاز المهام وتحقيق الأهداف في المواعيد المحددة، إلا إن القيادة الحقيقية لا تخلو من القيم الإنسانية التي تعكس حرص القائد على فهم احتياجات فريقه وتطلُّعاته، والاستماع بصدق إلى مشكلاته، وتقديم الدعم والتشجيع، والاعتراف بجهود الأفراد، وتعزيز بيئة عمل قائمة على الاحترام والتفاهم المتبادل.

يميل القادة الذين يتبنَّون القيم الإنسانية إلى بناء علاقات قوية ومستدامة مع فرقهم، ما يعزِّز من روح التعاون والإبداع، فمن خلال إظهار التعاطف والتفهُّم، يستطيع القائد تحقيق التوازن بين تحقيق الأهداف الطموحة وتقديم الرعاية لأعضاء الفريق، الأمر الذي يعزِّز من ولاء الفريق ويحفِّزهم على تقديم أفضل ما لديهم، ما يسهم في تحقيق النجاح الشامل للمؤسسة.

تُجسِّد قصة جيروم ويسنر، الرئيس السابق لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، دور المبادئ الإنسانية في تشكيل القيادة الناجحة. عندما كان شابّاً، تولَّى مهنة خبير فيزيائي في مشروع مانهاتن الذي كان مسؤولاً عن تطوير القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية. بعد أن شهد ويسنر حجم الدمار الذي خلَّفته الحرب، قرَّر تكريس حياته لدعم السلام العالمي ودمج الفنون في العلوم من خلال معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

تحوَّلت القيم الإنسانية التي تبنَّاها ويسنر إلى دافع قوي بذل في سبيله كل غال ونفيسٍ، ووضعته في مكانة قيادية لم يكن يطمح إليها يوماً، وجعلته واحداً من أبرز قادة الفكر في مجال التوعية بمخاطر الأسلحة النووية على مستوى العالم.

نستخلص من ذلك أن الأفكار الجيدة مهمة بالطبع، لكنها في حد ذاتها لن تجعل منك قائداً، فالمبادئ هي حجر الأساس الذي تستند إليه القيادة الحقيقية، وتذكَّر أن المبادئ لا تتجزأ، وأن ما تطبِّقه في العمل يجب أن يُوجِّه تعاملاتك في جميع مجالات الحياة وإلا فقدت مصداقيتك.

للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com:

تأليف:
جون ميدا: خبير تقني ورائد في مجال تحسين تجربة المنتجات ودمج مبادئ العمل والتصميم والهندسة لتقديم تجارب شاملة.

Title: Redesigning Leadership (Simplicity: Design, Technology, Business, Life)
Author: John Maeda
Publisher: The MIT Press
Pages: 96
ISBN: 978-0262015882

بقلم : جون ميدا