أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

عندما يتحوَّل الخيال إلى إبداع

معظم العبقرية اجتهاد وبعضها موهبة

بقلم : جوناه ليرير 2023-09-19

وصف “توماس إديسون” معادلة العبقرية بأنها 1% إلهاماً + 99% اجتهاداً وكفاحاً. أما آلية عملها فتتلخَّص في أنك تتعثَّر في مشكلة، فتعصر ذهنك بحثاً عن حلول مناسبة إلى أن تفقد الأمل، ثم فجأة يأتيك الإلهام بالحل المناسب، فتكافح أكثر حتى يتحوَّل هذا الحل من مجرد فكرة إلى عمل مكتمل الأركان، وهكذا أيضاً ينشأ الإبداع.
تأمَّل ممسحة “سويفر”، وهي أحد منتجات شركة “بروكتر آند جامبل” التي تجمع بين مزايا ممسحة المطبخ التقليدية والمناديل الورقية. استغرقت الشركة شهوراً ما بين استبيانات ومجموعات تركيز وعمليات رصد استغرقت مئات الساعات في محاولة لابتكار ممسحة جديدة تحلُّ المشكلات القائمة، حتَّى توصَّلت أخيراً إلى هذا المُنتج السحري. 
بدأ المنتج بومضة إلهام، بعد أن التقطت الأبحاث الرصدية عاملاً يستخدم مجرفة وفرشاة، ثم منديلاً لتنظيف حبيبات القهوة المطحونة المسكوبة على الأرض. تبع ذلك شهور من العمل حتى تحوَّلت الفكرة إلى منتج نهائي عملي. 
هذه القصة ليست دليلاً على قوَّة الأبحاث الرصدية فحسب، وإنما أيضاً على أهمية النماذج الأولية، فعندما كانت “سويفر” مجرد فكرة لم تنفَّذ بعد، توصَّلت أبحاث المستهلك إلى أن الفكرة ستفشل فشلاً ذريعاً، ولكن عند ابتكار نموذج أوَّلي لرصد ردود أفعال المستهلكين، انبهروا بها. 
الإحباط قد يشحذ الإبداع
يأتي الإلهام نتيجة مشكلة أو معاناة، ففي البداية تُرهقنا المحاولات الفاشلة فنُصاب بالإحباط، ثم بعد أن ينصرف تركيزنا بعيداً عن المشكلة، إما بالاسترخاء أو التركيز على أمر آخر، يأتي الإلهام فجأة. لحظة الإلهام لا تأتي أثناء التركيز في المشكلة، وإنما بعد الانشغال بأمر آخر، لذلك فإن المؤسسات المهتمَّة بالإبداع تُحفِّز موظَّفيها على نيل قسط من الراحة، وأخذ قيلولة، والتنزُّه، وخوض محادثات سريعة خلال ساعات العمل للخروج من حالة التركيز المستمر على المشكلات حتى يأتيهم الإلهام. 
تبادل المعرفة يُعزِّز الإلهام
هناك مراحل أخرى مهمة داخل المؤسسات قبل مرحلة الإلهام، ومنها تعزيز تبادل المعرفة بين الموظفين، فكلما زادت مُحصِّلة المعلومات، زادت فرص اندماج الأفكار القائمة وتطوُّرها لتظهر أفكار جديدة، ما يعزِّز قدرات الموظفين الإبداعية، ويُرسِّخ الركائز الأساسية للحلول الجديدة. 
يرى البعض أن العصف الذهني الجماعي فرصة عظيمة للابتكار، ولكن أكَّدت نتائج الأبحاث أن عدد الأفكار الناتجة عن هذه الجلسات أقل بكثير من الأفكار الناتجة عن العصف الذهني الفردي، بمعنى أن يعمل كل شخص بمفرده، ثم يلتقون لعرض الأفكار ومناقشتها وتقريب وجهات النظر، وهناك ممارسات أخرى بديلة للعصف الذهني، ومنها قنوات تبادل المعلومات بين الموظفين على جميع المستويات الإدارية، والمناقشات والمحادثات غير الرسمية، والنقد البنَّاء وغيرها من مُحفِّزات الإلهام.
التنوُّع يحفِّزُ الابتكار
تزداد فرص الإلهام عندما ننصت إلى وجهات نظر غير المُتخصِّصين، لأنها تثري الفكر وتضيف أبعاداً ورؤى جديدة قد يعجز عن رؤيتها أفضل الخبراء، لذا تستخدم بعض المؤسسات منصات تعهيد خارجي مفتوحة عبر الإنترنت لإجراء مسابقات إبداعية مدعومة بجوائز تحفيزية، كما تحرص كبرى المؤسسات على تجديد مسارات الإبداع عن طريق الاستعانة بمواهب محدودة الخبرة بسبب قدرتهم على توليد أكبر قدر ممكن من الأفكار الجديدة والحلول الفريدة. 
تأليف:
جونا ليرير: مُدوِّن أمريكي، له عدة مؤلفات، تخرَّج في جامعة كولومبيا، ودرس في جامعة أكسفورد، يكتب في مجلات “نيويوركر” و”نيتشر” و”نيويورك تايمز”
للمزيد إليك الكتب التالية:
  1. خلاصة كتاب "الصدفة المُلهِمة"
  2. خلاصة كتاب "عندما تطير الخيول"

Title: Imagine: How Creativity  Works?
Author: Jonah Lehrer
Publisher: Canongate Books
Pages: 279
ISBN: 978-184767787

بقلم : جوناه ليرير