في كثير من قضايا حقوق الملكية الفكرية لا يكفي أن تفوز بالنقاط عندما يكون الفوز بالضربة القاضية مستحقاً. سعدنا بكسب دعوتنا المقامة ضد طارق سويدان وفريقه والحصول على تعويض مالي عن سرقته لحقوق الملكية الخاصة بكتاب "الهندرة" و"خلاصات كتب المدير ورجل الأعمال" التي ننشرها على منصة وتطبيق www.edara.com وكشفحقيقة طارق سويدان .
هذا التعويض المادي يؤكد أحقيتنا بالتعويض الأدبي الذي أقرَّه لنا "اتحاد الناشرين العرب" سابقاً. لم نتسرع في إعلان الفوز، بل عكفنا على دراسة منطوق الحكم والخيارات المتاحة. وما أن أعلنا ثبوت تهمة السرقة حتى خرج طارق سويدان عبر قناة مجهولة على "يوتيوب" ليشوش على الخبر، وراح يتحدث عن كتاب "فلسطين: التاريخ المُصَّور" والذي نشره عام 2012 حاملاً صورتَه مع خلفية للمسجد الأقصى، علما بأن محتوى الكتاب مسروق أيضاً! وعلى القارئ أن يتخيل كتاباً مصوراً عن فلسطين يحمل غلافُه صورة طارق سويدان! أليست هذه نكتة سخيفة وسرقة مخيفة!؟ علماً بأن الصور التي جمعها الكتاب مسروقة من أرشيف لجنة القدس التي كان أحد موظفيه على اتصال بها.
نحن نفهم أن الصور تخضع لحقوق النشر أيضاً، لأننا نشتري الصور من مصادرها الأصلية وندفع ثمنها مئات الدولارات شهرياً. وحين يُبرر "سويدان" حقه في نشر صور أرشيف فلسطين في كتاب يحمل صورته الشخصية، فهو يحاول أن يرتدي عباءة الوطنية فوق عباءة الدين، وكأنه ولي أمر المسلمين من سومطرة شرقاً إلى "جبل طارق" غرباً، وذلك الامر يوضححقيقة طارق سويدان.
في حديثه الأخير قال "سويدان" بأنه نشر 125 كتاباً حتى الآن. ما يؤهله لدخول موسوعة "جينيس" للأرقام القياسة كأكثر مؤلف نشراً في التاريخ، وكأنه بدأ التأليف وهو في السادسة من عمره، وبواقع كتابين كل عام! وما يؤكد أنه ينسخ من "أرشيف" الآخرين ما أكده لي المرحوم الدكتور عبد الرحمن توفيق من أن كتاب "الاتجاهات الحديثة في الإدارة" الذي نشرته شركته "الإبداع الخليجي" عام 2000، لم يطرق فيه "طارق"حرفاً واحداً، ولم يقرأه أيضاً.
هذا المؤلف المفكر المدرب المهندس الإعلامي لا يفهم أن حقوق الملكية الفكرية تقع على النص والأسلوب والمصطلح، لا على الأفكار. الأفكار متاحة لكل من يملك الموهبة والوقت ليصوغها، ويضيف إليها ويضع بصمته عليها. ففي عام 2012 – مثلاً - تم إيقاف "فريد زكريا" من تحرير مجلة "تايم"، والظهور على قناة CNN، ومن عضوية مجلس أمناء جامعة "ييل" لأنه اقتبس نصاً حرفياً من 12 سطراً فقط، من كتاب عن تاريخ الأسلحة في أمريكا ولم يذكر المصدر. أعيد "زكريا" إلى كل مناصبه بعد شهر واحد، بعدما اعتذر للمؤلف الأصلي بشجاعة، وأثبت أن إشارته للمصدر سقطت سهواً. فمتى يملك "طارق سويدان" الشجاعة ليعتذر من القراء أولاً، ومن المؤلفين والمؤسسات واللجان التي سرق حقوقها ثانياً!؟
يقول "ألبرت كاموس": "أول رقيب على عقل المثقف هو عقله."ويضيف "جوزيف ستيغليش" في كتابه "بناء مجتمع المعرفة" الذي لخصناه ضمن سلسلة "كتاب في دقائق": "خُلق العقل البشري ليفكر ويبدع ويدفع العالم إلى التقدم. فلا تَقدُم دون إبداع، ولا إبداع دون حماية للفكر. لهذا من الضروري نشر ثقافة المُلكية الفكرية التي تُعتبر عصب التنمية البشرية."
فمتى يدرك طارق سويدان ومطبعته التي تنسخ الكتب أن ما يفعله هو تخريف وتحريف لا تأليف؟ ومتى يعترف بأن سلوكه التجاري وظاهرته الصوتية أخطر على الأمة من جائحة"كوروناً"، لأنه يلوث المعرفة ويُسمم العقول؟