أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

ثنائية الإبداع والبحث عن مستثمر

بقلم : نسيم الصمادي 2018-07-24

كنت أتحدث مؤخراً مع مُستَثْمرَين اثنين لتمويل مشروعنا الجديد منصة BestBookBriefings.com، الذي انتهينا من تطويره بإصداراته الثلاثة: "الويب" و"أندرويد" و"آي أو إس"، عندما اعترض أحدهما على التناقض والتعارض المحتمل بين موقعنا العربي الأول Edara.com وبين موقع BBB الجديد.
في البداية قلت لشريكنا المحتمل إن منافِسَنا الأول باللغة الإنجليزية هو موقع "بلنكست" الذي يصدر باللغة الألمانية إلى جانب اللغة الإنجليزية لأن مؤسِّسَيه ألمان، كما أن موقع "جتأبستراكت" الأمريكي يصدر في سبع لغات. ولهذا حصلت "بلنكست" مؤخراً على تمويل دَفَع فيه ثلاثة مستثمرين أكثر من 35 مليون دولار لدعم المشروع وتوسيع قاعدة العملاء واللغات التي يغطيها، وقبل الاستطراد في شرح استراتيجية المنافِسَين الألماني والأمريكي، تذكرت أصداء المعركة المُحتدمة في الصين بين الشركتين العملاقتين "علي بابا" و"تنسنت"، فرحت أعَدّد إيجابيات الصراع بين أكبر شركتي تجارة وخدمات إلكترونية في آسيا.
حرب الاستحواذ والتوسع والسبق التكنولوجي بين "جاك ما" مؤسس "علي بابا" و"بوني ما" مؤسس "تنسنت" تستقطب اهتمام الصحافة الاقتصادية العالمية بعدما فاضت عن حدود الصين التي لم تعد تستوعبها، وللصدفة المحضة في أن رئيسي الشركتين يحملان نفس اسم العائلة "ما" على الرغم من عدم وجود صلة قربى بينهما، وعلى الرغم من أن "ما" الأول - "جاك" - يحمل شهادة في الأدب الإنجليزي، وحصل مؤخراً على الدكتوراه الفخرية من جامعة هونج كونج، وأن "ما" الثاني - "بوني" - يحمل شهادة في الهندسة، يبقى من الصعب القول أيهما سيبقى أكثر ابتكاراً وأسرع انتشاراً.
يُعَرّف أرسطو الفضيلة بأنها نقطة التلاقي والتلامس بين متناقضين، لأن التقاء الأضداد يُحقق التوازن والتكامل طويل المدى بين كل الثنائيات المتوازنة في العالم. كتبت مرة أن "الأدعياء يصعدون القمم ليراهم العالم، أما الحكماء فيصعدون القمم ليروا العالم". وبعد إعادة التفكير في الأمر لم أعد أرى تناقضاً بين أن نصعد لنَرى ونُرَى، وليس هذا المنظور مجرد تفكير براجماتي متطور، بل لأن حتمية استمرارية الحياة والعطاء الإنساني تُحتّم مثل هذا التزاوج بين المادة والروح، وبين المثالي والواقعي، وبين العلمي والعملي على أرض الواقع.
صراع الأضداد الإبداعي الناتج عن تناقض الثنائيات في حالة "علي بابا" و"تنسنت" ليس جديداً، فلم تزدهر معظم الصناعات في العالم إلا بسبب المواجهات الثنائية الشرسة بين أكبر قطبين من أقطابها، فمثلما هناك الموت والحياة، والليل والنهار، والشرق والغرب، والنجاح والفشل، والأفق والعمق، والأبيض والأسود، والبداية والنهاية، والحزن والفرح، والطول والعرض، والحرب والسلام، واليمين والسيار، والحلو والمر، والعدل والظلم، والحرية والعبودية، والرأسمالية والاشتراكية، والشهيق والزفير، والحب والكراهية، والذكر والأنثى، والخاص والعام، والصحة والمرض، فهناك أيضاً:
كوكاكولا وبيبسي، وأبل وسامسونج، وجوجل وميكروسوفت، وأمازون وول مارت، ومرسيدس وتويوتا، وبوينج وإيرباص، وجنرال إلكتريك وسيمنز، وفيسبوك وتويتر، وأوبر وكريم، إلى آخر هذه القائمة من الصراعات الثنائية التي تتحول إلى طاقة إبداعية عند نقطة التماس، التي يسميها "أرسطو" قيمة نقطة التوازن.
المشكلة المستعصية التي أراها في هذا الصراع الجميل هي صعوبة اختراق قطب ثالث أو عنصر جديد لدائرة المنافسة هذه، ليتقدم ويحتل المركز الأول أو الثاني، فيخرج من الظل إلى حلبة الصراع مستفيداً من محركات ودوافع الإبداع.
نحتاج إلى قوة دافعة وذات رؤية تدفع بمنصتنا BBB من المركز الثالث إلى الثاني، وربما الأول، تماماً مثل القوة الجميلة التي دفعت بدولة صغيرة مثل كرواتيا لتلعب نهائي كأس العالم، فبعد شهور وربما أسابيع، لن يتذكر أحد الأداء المشرّف لبلجيكا، ولا الحظ الذي خدم إنجلترا، وسيبقى في ذاكرة التاريخ البطل الذي رفع الكأس، والبطل الثاني الذي قاتل بشجاعة حتى النهاية. نعم.. نبحث عن مستثمرين في مشروع BBB العالمي الذي سيحتل عاجلاً أو آجلاً المركز الأول، أو على الأقل الثاني!
فهل من مستثمر؟
بقلم: نسيم الصمادي
 

بقلم : نسيم الصمادي