أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

كرواتيا: عندما اختلطت دموع الرئيسة بعرق اللاعبين

بقلم : نسيم الصمادي 2018-07-18

تابع الكرواتيون، بحزن ممزوج بالفخر، خسارة منتخبهم أمام المنتخب الفرنسي في المباراة النهائية لكأس العالم في روسيا، وذلك بسبب الحرمان من فرصة التتويج بلقب المونديال للمرة الأولى في تاريخهم.
خسر المنتخب الكرواتي أمام نظيره الفرنسي بأربعة أهداف مقابل هدفين في موسكو، واحتل المركز الثاني، علماً أنه خاض المباراة النهائية للمرة الأولى في تاريخه، وأن خسارته حرمت العالم من بطل تاسع ينضم إلى سجل شرف الفائزين بالبطولة عبر تاريخها، حيث لم يفز بها من قبل سوى الأوروبيين والأمريكيين الجنوبيين.
لم تنضم كرواتيا إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" إلا في عام 1992 بعد استقلال كرواتيا عن "يوغسلافيا" الدولة المتفككة. ورغم حداثة وجودها على الساحة الكروية، فإنها أخذت كرة القدم على محمل الجد وقدمت لاعبين من ذوي الشخصيات القوية والمهارات العالية، ووظفهم مدربهم الشاب بصورة جماعية رائعة لم يستطع أن يقدمها أكبر المدربين الذين يقودون أعظم منتخبات العالم.
لم يتوقع الكثيرون وصول الدولة - التي يتراوح عدد سكانها حول أربعة ملايين نسمة - إلى ما وصلت إليه في كأس العالم، لا سيما أن أولى مشاركاتها كانت في مونديال فرنسا عام 1998، والذي خرجت فيه من الدور نصف النهائي على يد فرنسا أيضاً، لتحرز الميدالية البرونزية.
نجح منتخب كرواتيا في التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2018 في روسيا، لتكون المشاركة الخامسة له في نهائيات كأس العالم. وقد حصد قائد المنتخب الكرواتي ولاعب وسط ريال مدريد "لوكا مودريتش" - إحدى أبرز مواهب كرة القدم في الوقت الحالي - جائزة أفضل لاعب في العالم.
في ظل خفوت وهج اللاعبين الكبار أمثال "كريستيانو رونالدو" و"ليونيل ميسي" و"نيمار جونيور"، تألقت في هذه النسخة من كأس العالم المنتخبات التي تمارس اللعب الجماعي، لتعود اللعبة إلى أصولها واعتمادها على الجماعية لا الفردية. وقد خطفت كرواتيا الأنظار خارج الملعب أيضاً عبر الحضور المثير لرئيسة الدولة "كوليندا جرابار" لدعم وتشجيع منتخب بلادها، وواصلت هذا التشجيع حتى بعد خسارته لقب المونديال، وهنأت لاعبي المنتخب في منشور على صفحتها بـ"فيسبوك" على أدائهم البطولي، حيث نشرت صورة للمنتخب وعلقت عليها قائلةً: "أحسنتم، قاتلتم كالأسود وكتبتم التاريخ، ونحن فخورون بكم".
فما الدروس المستفادة من هذا الأداء البطولي لمنتخب الدولة الجميلة ورئيستها الملهمة؟
عندما انعتقت كرواتيا من الاستعمار اليوغسلافي، انطلق شعبها يخترق كل مجالات الإبداع. في الوقت الذي كان فريقها يبهر العالم في روسيا، كان أبطال التنس الكروات يبلغون الأدوار النهائية في بطولة "ويمبلدون" للتنس، فالرياضة لدى الكروات أسلوب حياة وجمال واكتمال، وليست مجرد هواية أو "بيزنس".
يحترف لاعبو كرواتيا في أقوى الدوريات الأوروبية بسبب جديتهم وصلابتهم وروحهم القتالية وشخصيتهم القيادية. لقد سمعت مدربهم الذي اشتهر مع منتخبات الخليج العربية يقول إن لاعبيه يظهرون شخصيات قيادية تتفوق عليه عزيمة وإصراراً.
وفي تقديرنا - وهذا رأي شخصي - كان لوجود الرئيسة بين الجماهير ثم مع اللاعبين الأثر الأكبر في هذا الإنجاز، فالقيادة من موقع الأحداث هي ما يسميه اليابانيون "كايزين". فلم تحفزهم الرئيسة بالكلام المعسول والشكل المقبول، بل بروح المشاركة والمبادرة والتواضع، حتى بكاؤها كان أنيقاً وعميقاً، حتى اختلطت دموع الرئيسة بعرق اللاعبين بأمطار موسكو، على الميدان الأخضر، لا الأحمر هذه المرة.
بقلم: نسيم الصمادي
وأحمد شكل
 

بقلم : نسيم الصمادي