أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

مفهوم التميز

متطلبات التميز الفردي و التميز المؤسسي

بقلم : الدكتور/ أحمد عبد الله النصيرات 2018-06-26

يُنْظر إلى صفة التميز Excellence باعتبارها مهارةً جيدة أو سمةً إيجابية تتجاوز المعايير العادية وظيفياً وإجرائياً، حسب تعريفات خبراء التنمية البشرية وعلماء النفس والمدربين والمستشارين الإداريين؛ وتنطبق سمةُ التميز على أداء وشخصية الفرد كما تنطبق على أداء فريق العمل، إضافة إلى انطباقها على الجانب التنظيمي، متمثلاً في التميز المؤسسيCorporate Excellence والتميز في الإدارة الحكومية Government Excellence.

لا شك أنَّ التميز عامل إيجابي يساعد على إدارة الموارد المادية والفكرية بحكمة. كما يساعد في التعرُّف على نقاط القوة وسمات الشخصية الإيجابية لدى المرء، والتركيز عليها والسعي لاحتلال مركز القيادة بدلاً من الاكتفاء بدور هامشي. تعريف التميز بهذا المعنى يعمل على تطوير غريزة القيادة لدى الإنسان، والتدرُّج في تحمل المسؤولية التي تتيح له الوصول إلى القمة.

يُعَدُّ التميز واحداً من أفضل السلوكيات التي من شأنها أن تُنَشِّط القدرة على التخيُّل أو سمة الإبداع Creativity، وهو ما يجعل العقل يقتنع بالأفكار، ويجد حلولاً وطُرُقاً مبتكرة من أجل تنفيذها وتطويرها، وبالتالي يصبح الفردُ قادراً على التخطيط أو وضع الخطط، وإدارة المشروعات الكبرى، فيكون أقدر على ابتكار أفكار جديدة بناءً على المفاهيم والمعرفة والمهارات التي يملكها.

تعريف التميز في الأداء أيضاً يجعلنا أكثر شَغَفاً بما يحيط بنا من أحداث، حتى في علاقاته الشخصية والعاطفية، وهو ما سيُفْضِي إلى ملاحظة مَن حوله للتغير الطارئ في شخصيته وطريقة تفكيره، فينال اهتمام الجميع. ناهيك عن القدرة على استيعاب المتغيرات والربط بين الأحداث، وطرق التعامل مع المجتمع والبيئة، والقدرة على ضبط النفس وتحقيق التوازن بين الرغبات والقدرات.

تعريف التميز كذلك يعني أن الفرد المتميز يقدم لعمله الكثير، ويبذل فيه الجهد المُضاعف لتحقيق هدفه في العمل، حتى لو كان ما يتقاضاه من العمل لا يتناسب مع ما يحصل عليه كأجر، فالمتميز إنسان مسؤول ومتفانٍ وملتزم، فهو لا يتذمر، ولا يتهرب الأعباء، بل يزيل العقبات، وينفذ المهام ويبتكر الحلول، مهما كانت المشكلات صعبة، وبدت الحلول مستحيلة.

معنى التميز أيضا أن الموظف المتميز والإنسان المتميز عموماً، يُعْلِي من قيمة التعاون والشراكة والعمل مع الآخرين، وعدم العمل بأنانية وفردية، ويجعل التعلم من الأخطاء والاستفادة منها قوة لبناء مستقبل مزدهر، ويتسم أيضاً بسمة التسامح ونَبْذِ الكراهية وعدم التفريق في التعامل مع الجميع(1).

ويمكن فهم معنى التميز المؤسسي من ناحية أخرى بتعريف المؤسسة بأنها بِنْيَةٌ وظيفية منتظمة وذات هيكل واضح السلطات والمسؤولية، تمكن المؤسسة المتميزة من تحسين بيئة العمل، وتشجيع فُرَص رفع أدائها وإنتاجيتها، وتوفير قيمة مضافة لكل المتعاملين وذوي المصالح من: عملاء ومتعاملين وقياديين وموظفين ومساهمين، مع يترتب على ذلك من فهم الاحتياجات، واستثمار الفرص، والنمو، مع تحسين صورة المؤسسة ورفع قيمة علامتها التجارية. المؤسسات الفعالة تلعب دور الرافعة التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية الحقيقية في مجتمعها، فتخلق ثقافة تنظيمية خاصة في إطار تمكين الموظفين والمجتمع ككل من تحقيق الأهداف الاستراتيجية.

فسواء تحدينا عن التميز الشخصي، أو التميز الإداري، أو التميز القيادي، أو التميز المؤسسي، وسواء قصدنا تميز القطاع الخاص، أو التميز الحكومي، فهناك دائماً حاجة لتبادل الخبرات، وعقد شراكات في مجال إدارة المعرفة، وتنظيم المؤتمرات وتنشيط البحث الحلمي، للاطلاع والاستفادة من أفضل الممارسات والتجارب الناجحة في مجال التميز المؤسسي.

ومن أبرز شروط هذا التميز وضع الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة والعمل أو الصناعة المناسبة، ولو باستخدام التدريب والتعلم والتطوير L&D، وإجراء تحليلات سيكومترية للشخصية Psychometrics Tests لتحديد السمات ونقاط القوة لكل فرد، وزيادة مناطق ونطاقات الوعي Awareness Zones لدى كل موظف أو شخص مقبل على سوق العمل، أو حتى طالب جامعي وثانوي. فالوعي بالذات ومعرفة السمات القوية والقدرات Positive Traits هو بداية خطوات النجاح والصعود للقمة.

مراجع المقال:

1- Napoleon Hill, The Law of Success, The Ralston University Press Meriden, USA, 1928, PP. 28-30-36

2- يوسف سند، "المفاهيم الأساسية لنموذج التميز المؤسسي"، موقع مجلة المجتمع السعودية، 5 أبريل 2015م.

3- إبراهيم سليم، "نشر ثقافة التميز"، موقع صحيفة الاتحاد الإماراتية، 2 يونيو 2015م.

بقلم : الدكتور/ أحمد عبد الله النصيرات