أعدادك المجانية

الرئيسية / المقالات

من الإفادة العائدة إلى الإفادة الرافدة

بقلم : نسيم الصمادي 2018-05-22

From Feedback To Feedforward
أنت قائد أو مدير أو صاحب عمل، وأنا مستشارك ومدربك الخاص، وقبل أن تسألني عن أسباب تأرجح مشاريعك بين النجاح والفشل، وتقدمِها البطيء على طريق المنافسة، دعني أسألك سؤالاً استشرافياً: هل تعرف الفرق بين الإفادة العائدة والإفادة الرافدة؟
هناك ثلاثة مستويات لحركة المعلومات والإفادة بها ومنها في المؤسسات؛ هي:
  • الإفادة الراكدة: وتوحي بالسكون والتحفظ واللاحراك، وهي من سمات المُنظمات الأوتوقراطية، أي الاستبدادية الجامدة.
  • الإفادة العائدة: وأسميها "عائدة" لا "راجعة" لأنها تعود وتُحقق عائداً من خلال تقارير الأداء والإنتاج والمبيعات والمؤشرات المالية والتنافسية وإفادات العملاء، وهي ممارسة إدارية سائدة في المؤسسات التقليدية ويتولاها المديرون والموظفون وأحياناً: المستشارون والمنافسون.
  • الإفادة الرافدة: وهي استشرافية وابتكارية وشفَّافة: أي تستشرف المستقبل وتُولّد الابتكار وتقترن بالشفافية وتتطلب قيادة قوية، وتحتاج أحياناً إلى عمليات قيصرية لاستيلادها وغرسها في بيئة العمل.
معظم المديرين يقولون للموظفين: اندمجوا في مؤسستكم واعرفوها جيداً: تمثلوا رؤيتها وافهموا رسالتها واستوعبوا ثقافتها وتخيلوا مستقبلها، لكن قلة من المديرين يحفزون الموظفين على التعريف بأنفسهم والتعبير عن تطلعاتهم، وهم يعبرون عمن يكونون ويقولون: من هم وماذا يريدون وكيف يؤدون وماذا يحتاجون ليبدعوا ويتفوقوا. مُعظم المؤسسات تترك مهمات الإفادات إلى إدارات الموارد البشرية والاتصال المؤسسي، ثم تَدَّعي بأنها تعمل وتعيش في ظل الاقتصاد المعرفي. هذا يعني أن المديرين لا يعرفون مواهب موظفيهم ولا يأبهون باكتشافها؛ ناهيك عن معرفة أساليب تنميتها وتحويلها إلى نقاط قوة وممارسات ونتائج، وهم في هذا يظنون أن مثل هذه المسؤوليات الجِسام هي حكر على الموارد البشرية فقط، ومبادرات الاستثمار البشري كما نسميها اليوم، وهي تسميات فارغة من المضامين لأن إدارات الموارد البشرية تميل أولاً إلى تطبيق اللوائح والقوانين، بينما تميل مُبادرات المؤسسات الاستشرافية إلى خرق اللوائح وتجاوز القوانين لصالح الابتكار الخارق والأداء الأقصى، ومن ثم فإن مسؤولية الإفادة الرافدة تقع على عاتق القيادة الاستثنائية والإدارة المعرفية.
سواء كنت موظفاً مبتدئاً، أو مديراً متوسطاً، أو قائداً فذاً، أو من ذوي المصالح، من حقك على مؤسستك أن تعرفك، وعليك أن تبادر وتُعرّف بنفسك وتُعلّم مؤسستك: ماذا تفضل أن تعمل ومتى وكيف ولماذا؟ والأهم هو أن تقول للجميع: من أنت وماذا تريد لهم ومنهم، وما نقاط قوتك والقيم التي تؤمن بها والمُثل التي تعيشها! ومن نفس المنطلق عليك أن تحفز، بل وتدفع كل فرد من فريقك إلى أن يحذوا حذوك، لأن الأهم من أن يعرف موظفوك رسالة وأهداف مؤسستك، هو أن تعرفهم مؤسستك وتعرفهم أنت، فلن تستطيع المؤسسات فرض نفسها على عالمها وأخذ مكانها واستحقاق مكانتها في أسواقها، وتعظيم رأس مالها الاقتصادي المتغير، ما لم تبادر أولاً إلى استيعاب وفهم واستثمار رأسمالها المعرفي المُتطور.
الإفادة العائدة موسمية والإفادة الرافدة مستمرة. الأولى فردية، والثانية جماعية. الأولى تركز على اللوائح والمعايير والقيمة الثابتة، والثانية تركز على الأهداف المتحركة والقيم المتغيرة. الأولى تتوافق وتلتزم وتنسجم، والثانية تخالف وتتميز وتبتكر. الإفادة العائدة استرجاعية تستدعي الماضي، والإفادة الرافدة استشرافية تصنع المستقبل.
بقلم: نسيم الصمادي

بقلم : نسيم الصمادي