الرئيسية / المقالات

الروبوت الأديب

الروبوتات تقرأ وتكتب!

بقلم : دينيس تينن 2024-08-22

في ظل الانفتاح الرقمي الذي شهده العالم أجمع، امتزجت عوالم متباينة لتنتج لنا إبداعات لم نعهدها من قبل، فمن كان ليتخيَّل أن يمتزج الأدب بالتكنولوجيا، والسياسة بالاجتماع، والفن بالعلاج! ولعلَّ الثنائي الأبرز الذي حظي باهتمام دول العالم قاطبة هو الأدب وعلوم الحاسوب، والذي كان بمثابة صفعة لتصوُّراتنا التقليدية حول قدرات الذكاء الاصطناعي والإمكانات الإبداعية للآلات والروبوتات.

الذكاء الاصطناعي والذكاء الإنساني
تستند الروبوتات الأدبية إلى فكرة مفادها أن الذكاء ليس مفهوماً جامداً، وإنما هو ظاهرة متجدِّدة ومتطورة باستمرار. ولا يخفى على أحد أن الطريقة التي نفكِّر بها في الذكاء أو نعرِّفه أو نقيسه قد تغيَّرت بشكل ملحوظ عما سبق، فلم يعد الذكاء يُقاس بالقدرة على تذكُّر كم هائل من المعلومات، وإنما بالقدرة على تحويل هذه المعلومات إلى بيانات وإمكانية الوصول إليها ومعالجتها والاستفادة منها في الوقت الفعلي، كما لم تعد الآلات مجرد مستودعات للمعلومات في العصر الرقمي، وإنما أصبحت بمثابة عقول افتراضية قادرة على معالجة البيانات وتحليلها وحتى ابتكار المحتويات من العدم، لتتلاشى بذلك الحدود الفاصلة بين الذكاء الاصطناعي والإنساني، وتتلاحم إمكاناتهما لتوليد محتويات ونصوص أدبية يعجز العقل البشري بمفرده عن ابتكارها.

تطوُّر الروبوتات الأدبية
تطوَّرت فكرة الروبوتات الأدبية من مجرد مفهوم نظري إلى تطبيقات عملية تستخدم الذكاء الاصطناعي في الإبداع الأدبي، إذ تعود أصول الروبوتات الأدبية إلى التجارب المبكرة في معالجة اللغة الطبيعية والذكاء الاصطناعي في منتصف القرن العشرين. كانت هذه التجارب تهدف في البداية إلى فهم اللغة البشرية وتحليلها، ما أدَّى إلى تطوير خوارزميات وتقنيات قادرة على توليد النصوص.

بدأت الأبحاث في هذا المجال تتسارع مع تقدم التكنولوجيا، إذ أسهمت في إنشاء نظم قادرة على تحليل النصوص الأدبية وفهم بنيتها بشكل أفضل.

وعلى مر العقود، شهدت الروبوتات الأدبية تطوُّراً كبيراً مع ظهور تقنيات التعلم الآلي والشبكات العصبية الاصطناعية حتى أصبحت الحواسيب قادرة على تعلم الأنماط اللغوية من عدد ضخم من البيانات النصية. أسهم هذا التقدم في تحسين قدرة الحواسيب على كتابة النصوص الأدبية بأسلوب قريب من أسلوب البشر، سواء الشعر، أو الروايات، أو النصوص الأخرى التي تحمل قيمة أدبية.

تتنوَّع تطبيقات الروبوتات الذكية بين مجالات عديدة، بدءاً من تشغيل محركات البحث وتغذية أنظمة اقتراح التوصيات بناء على تفضيلات المستخدمين، ووصولاً إلى إعداد فواتير التأمين والإبلاغ عن التهديدات المحتملة على وسائل التواصل الاجتماعي. لا عجب أن أصبحت هذه الآلات الذكية جزءاً لا يتجزَّأ من حياتنا اليومية وتسلَّلت بسلاسة إلى مختلف جوانب الأنشطة البشرية، سواء كُلِّفت بكتابة بحث أكاديمي أو الكشف عن تلاعب مؤسسي.

الروبوت واللغة والإنسان
دفعت الروبوتات الأدبية العلاقة بين البشر والأدب إلى منحنى جديد كلياً؛ إذ تتمكَّن هذه الروبوتات المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي من توليد النصوص الأدبية بطرق متقدمة ومشابهة لأساليب الكتابة البشرية، ما يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة في الإبداع الأدبي وفهم النصوص الأدبية ويسهم في إثراء الحوار الثقافي والأدبي العالمي.

لا تقتصر عملية التفكير على العقل البشري فحسب كما نعتقد، وإنما هي عملية تعاونية تقوم على التفاعل النشط بين العقل والجسد، والأداة التي نستخدمها، ولهذا يجب علينا أن نتوخَّى الحذر في خضم استخدامنا للأدوات التكنولوجية والآلات الذكية التي تغيِّر (دون أن نشعر) مفهومنا للإبداع وتطرح تحديات وأسئلة أخلاقية جديدة حول الهوية والملكية الأدبية.

مستقبل الذكاء الاصطناعي
قد تتطوَّر الروبوتات الأدبية شأنها شأن كل الابتكارات، وتتغيَّر مع تقدم التكنولوجيا لتفرض تحديات مستقبلية مثل الخصوصية، والأمان، والتحديات الأخلاقية. ومع كل تقدم يشهده هذا المجال، يواجه الباحثون العديد من التحديات المتمثلة في الحفاظ على الأصالة والإبداع في النصوص التي تنتجها الحواسيب، والآثار الأخلاقية والاجتماعية لاستخدام الروبوتات في الأدب. تثير هذه التحديات تساؤلات عديدة عن مستقبل هذا التفاعل بين الإنسان والآلة في المجال الإبداعي، وتقتضي فرض سياسات وأطر حوكمة جديدة لتنظيم هذا التفاعل.

للمزيد يمكنك الاطلاع على ملخصات كتب مشابهة مقروءة PDF أو ملخصات كتب صوتية Audio على موقع إدارة.كوم Edara.com:

تأليف:
دينيس تينن: أستاذ مساعد في اللغة الإنجليزية والأدب المقارن بجامعة كولومبيا.

Title: Literary Theory for Robots: How Computers Learned How to Write
Author: Dennis Yi Tenen
Publisher: W. W. Norton & Company
Pages: 176
ISBN: 978-0393882186

بقلم : دينيس تينن