إذا ما نشبت حرب عالمية ثالثة، فإنها ستقع بسبب خطأ في الاتصال كما جاء في سيناريوهات رواية "2034: الحرب العالمية القادمة. " تخَيَّلَ المؤلفان؛ "إليوت إكرمان" والأميرال "جيمس ستافريديس" مباغتة أمريكا للصين بضربة نووية بعد تدمير البحرية الصينية لبارجة أمريكية بالخطأ، حينما كانت البحرية الأمريكية تحاول إنقاذ سفينة صيد صينية من الغرق في بحر الصين. أما هجوم "بوتين" على "زيلينسكي" فقد كان متوقعاً، وكان الأخير جاهزاً، ومستعداً بسيناريو مسلسل جديد، يبدو أكثر واقعية من أفلامه الكوميدية.
وقع "بوتين" في فخ نصَبَه حلفُ الأطلسي بتخطيط من العجوز "بايدن" لوضع حد لطموحات "بوتين" الذي تدخل في الانتخابات الأمريكية أكثر مرة، بهدف تقسيم أمريكا سياسياً واجتماعياً، فنصبت له المخابرات الأمريكية فخاخها الناعمة.
استعدت أوكرانيا لاستقبال جيش "فلاديمير بوتين" منذ فوز "فولوديمير زيلينسكي" بالرئاسة، وهو استعداد خطَّطتهُ أمريكا ولم يتوقعه "بوتين". فلم يكن معقولاً في عقيدة قيصر الكرملين، أن يغلبه ممثل ذو وجه طفولي. والحقيقة أنه تم تجهيز "زيلينسكي" لكل ما يحدث اليوم. والحقيقة الأخرى التي لم يُلتَفَت إليها هي أن الرئيس الأوكراني كان قد لعب دور البطولة في مسلسل تلفزيوني اسمه "خادم الشعب"، أي الرئيس القائد الذي يخدم شعبه. ومع ترشيحه للرئاسة أطلق على حزبه الجديد اسم "خُدَّام الشعب" ليُعيد للأذهان مسلسله السابق الذي أقنع الأوكرانيين بانتخاب رئيس؛ فنان ومتواضع، يمثل الوجه الآخر، والتناقض الصارخ مع شخصية "بوتين"، الذي يخشى حتى مساعدوه مقابلتَه، ويرتجف أمامَه قادةُ دول عظمى.
تلك هي السيناريوهات التي خَدعَت "بوتين": المظهر المتواضع، والوجه الطفولي، والصوت الخفيض، والضعف المصطنع. لم ينتبه "بوتين" إلى أن خصمه الصبور يُجيد قراءة السيناريوهات، ويتدرب جيداً ليُقدم مسلسلاته في حلقات، ولا يرتجل أبداً. فحينما طمأنه "بايدن" بأن أمريكا جاهزة لتأمين طائرة تُقله وأسرته من "كييف" إلى مكان آمن، رد قائلاً: "أريد ذخيرة، لا وسيلة نقل" كان واضحاً أن العرض والرد معاً، كانا جزءاً من "سكريبت" سيناريو محبوك وضعته المخابرات الأمريكية على الورق، قبل تصويره بشهور.
أنظروا مثلاً إلى قميص "زيلينسكي" الذي لا يتغير لونه مهما تَعَرَّق، ولحيته المُبعثرة بلا اهتمام، وسترته الأرخص من سترات جنوده المسلحين بطائرات وقذائف موجهة بتقنيات "جوجل" الأرضية، وخوارزميات "إلون ماسكية" لا تُخطيء هدفها.
إنه "الممثل" الغامض الضعيف في الظاهر، يُقابل شمشون الجبار، بكل كبريائه، وبأوهام العظمة القيصرية، بينما هو في الحقيقة، كتابٌ مفتوح لعلماء النفس وقادة الحرب الرقمية الأولى في التاريخ. أعلن "بوتين" بكل صَلَف أنه سيُهاجم أوكرانيا لأنه مستعد لدخول الجنة، فكانت لحظة الصدام الحتمية، بين الدنيا والآخرة، وبين القيصرية والديموقراطية، وبين الفوضى والتنظيم، وبين القائد الفرد وقادة العِّلم.
"بوتن" ضابط شُجاع حد الغرور، وعنيد حد التسلط، واستعراضي حد الإفراط. ففي الوقت الذي يرتدي خصمه قميصاً باهتاً بخمسة دولارات، ويسير بين مواطنيه في الشوارع المُهدمة، ويدير الحرب من الأقبية المظلمة، يستعرض "بوتين" بسيارته المصفحة، ويظهر في إحدى المناسبات مرتدياً سترةً إيطاليةً ثمنها 14,000 دولار، أي أكثر بمرة ونصف من متوسط دخل الفرد في روسيا. لعب "بوتين" دور البطل في الواقع، ولعب "زيلينسكي" دور البطل في الخيال. وفي الحقيقة كان يجري استدراج القيصر ليخلع سترته الإيطالية الزرقاء، ويمشي كالامبراطور عارياً، فلا يجرؤ مستشاروه على تنبيهه.
في كتاب "الحديث مع الغرباء" وردت قصة لقاء "تشامبرلين" رئيس وزراء بريطانيا عام 1939 بـ "أدولف هتلر" قبل غزوه لبولندا بوقت قصير، وكيف أن مصافحة "هتلر" له بحرارة جعلته يظن أن الرجل لطيف وأن تهديداته لم تكن جادة. وبالمثل، دأب زُعماء أوروبا على زيارة "بوتين" لطمأنته، وحافظ "بايدن"على هدوئه، بينما كانت أمريكا في الحقيقة، تُعِّد ممثلاً أوكرانياً بارعاً، أو "دوبلير" يُمثلها في حربٍ بالوكالة، تُمولها دول حلف الأطلسي، مع أستراليا واليابان ودول أخرى، وتُديرها الرأسمالية العالمية، لإخراج روسيا من اللعبة، ثم الانفراد بالصين، التي لم تبتلع الطعم بعد!