في حديث قبل أسبوعين ما بين الروائي العالمي الشهير باولو كويلو (مؤلف رواية "الخيميائي"، إحدى روائع الأدب المعاصر) وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، أشاد القاص العالمي بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة في خلق ونشر المعرفة وتداولها، وإلى جهود ومبادرات سمو الشيخ الشخصية في هذا المجال، ومنها إنشاء هيئة المعرفة وصندوق المعرفة ومؤسسة محمد بن راشد للمعرفة، بالإضافة إلى تبنيه لعدد من المبادرات الحكومية الريادية في هذا المجال، ومنها "قمة المعرفة" و"القمة الحكومية لصناعة المستقبل" اللتان تعقدان بشكل دوري سنوي، ولكن الكاتب والروائي العالمي الشهير استطرد في نهاية حديثه منتقداً حال الأمتين العربية والإسلامية بشكل عام في مجال المعرفة فقال مستغرباً: "كيف لأمة (اقرأ) أن لا تقرأ؟!".
على وقع هذه الجملة، أصدر سمو الشيخ محمد بن راشد أمره الفوري لإعداد "قانون وطني للقراءة" تم إقراره اليوم كأول قانون من نوعه في العالم. يضع القانون الإطار التشريعي لتجذير وترسيخ القراءة داخل المجتمع بكل فئاته، حيث يلزم القانون التدخل المبكر لترسيخ القراءة عبر توفير "الحقائب المعرفية للمواليد الجدد" (قبل وبعد الولادة)، وإلزام أعضاء الحكومة بالقراءة الشهرية لكتب في مجال تخصصاتهم وخارجها ونشر ملخصات هذه الكتب شهرياً، وتوفير مواد القراءة للموظفين الحكوميين وإعطائهم الحق في القراءة التخصصية في مجال عملهم ضمن ساعات العمل، وإعفاء كل مواد القراءة من أية رسوم وضرائب لغايات التأليف أو النشر أو الطباعة أو التوزيع، ويوفر التسهيلات للمؤلفين والمحررين ودور النشر في الدولة، كما يلزم كل الوزارات والدوائر الحكومية لوضع وتنفيذ الخطط الكفيلة بتشجيع موظفيها على القراءة، وكذلك الحال بالنسبة إلى قيام المدارس بتشجيع طلبتها على ذلك، وترسيخ ثقافة احترام الكتاب ومنع إتلافه وصونه وإعادة استخدامه، كما يوجه القانون بإجراءات محددة لنشر وتجذير ثقافة القراءة لفئات محددة من المجتمع، ومنها كبار السن ونزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل وربات المنازل وذوو التحديات في مجال القراءة. كل ذلك ضمن منظومة شمولية وواضحة ومحددة من مؤشرات الأداء التي سيتم قياسها ومتابعتها بشكل دوري وترتبط بمنظومة الثواب لمن يلتزم بتنفيذ القانون، والعقاب لمن لا يفعل.
فإلى حكومات السياسات الجبائية العربية ودوامة القروض الخارجية والداخلية اللامنتهية نقول: تسألون عن الحل؟! نجيبكم تجدونه عند شقيقتكم حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. كل ما عليكم فعله هو أن تراقبوها عن كثب، فتفعلوا ما تفعل، اقتصادياً واجتماعياً وحتى ثقافياً، وبعد تطويعه بما يعكس خصوصية الأوطان إذا دعت الحاجة إلى ذلك، فيكون لكم في ذلك طوق النجاة.
تحت سن القلم يصنع مستقبل الأمم... فيا أخي رئيس الحكومة العربية... ويا أخي الوزير والمدير العام... ويا أخي صاحب العمل أو الموظف... ويا أختي ربة المنزل... ويا ابني وبنتي الطالب والطالبة... وانصياعاً لأمر الله عز وجل... ما آخر كتاب قرأت؟!