كنت وما
زلت أتلقى كل يوم سؤالاً
واحدًا على الأقل: ما هو المصطلح الإنجليزي المقابل للتمتين؟ وحقيقة
الأمر أنه لا يوجد مصطلح أجنبي يصف مفهوم التمتين بدقة مثل "التمتين". وهناك عدة
مدارس تناولت المفهوم من زوايا مختلفة، ولكن كل مدرسة تنظر إلى الأمر من زاويتها
وتعبر عنه بلغتها.
مدرسة
علم النفس الإيجابي تقول استخدمت مصطلح: Positive
Thinking الذي
تحول بفضل دراسات مؤسسة "جالوب" العالمية إلى ما سمي بحركة نقاط القوة
Strengths Movement
الذي يقودها "ماركوس باكنجهام" وكانت آخر إصداراته كتابه StandOut.
وهناك
مدرسة الذكاءات المتعددة Multiple
Intelligencesورائدها الدكتور "هوارد جاردنر" الذي يرى
أن الذكاء البشري مركب،
وأنه من الغباء أن نعبر عنه بسمة أحادية. وعندما أطلقت مقولتي: "من
الذكاء ألا نعترف بالغباء" كنت أعني أنه ليس هناك إنسان غبي على الإطلاق، بل هناك
إنسان عبقري في جانب، وغبي في جوانب. ومن وجهة نظر "التمتين" فإن هذا منطقي
وطبيعي، فكما أنه ليس هناك إنسان عاقل كامل، فليس هناك أيضًا إنسان عاقل فاشل.
وكان
مما لاحظته أن كتاب "جاردنر" "خمسة عقول للمستقبل"، لم يترجم الترجمة الصحيحة، ومن
ثم فهو لم يفهم (بضم الياء) جيدًا. العقول الخمسة التي حددها "جاردنر" هي: المتعلم
(بكسر اللام) و المنظم (بكسر الظاء) و المبدع (بكسر الدال) و المقدر (بكسر الدال) و
المحترم (بكسر الراء) وهذه أول مرة تستخدم فيها كلمة (محترم) بهذا السياق. لأن
محترم (بكسر الراء) الآخرين هو فقط المحترم (بفتحها).
أما
الدكتور "كن روبنسون" فيمثل المنحى التربوي في نظرية التمتين، حيث أن التعليم
عمومًا والمدارس خصوصًا تقتل الإبداع نظرًا لتركيزها على أوجه التماثل بين الطلاب
وإهمالها لعناصر التميز. وقد اشتهر في محاضراته العالمية وبعد نشر كتابه: "ما لم
يدر بخلدنا" Out of Our
Minds
وإلحاقه بكتاب: "مكمن القوة أو موطن الإبداع" The
Element.
وبسبب بساطته وتلقائيته أفهمنا الدكتور "روبنسون" بأن لكل إنسان ميزة ذكائية واحدة
يمكنه أن ينجح وأن يبدع إذا ما استثمرها وحدها.
إذن
ليس هناك - فيما أعلم - مصطلح يعبر عن مفهوم "التمتين". وعندما قلت: "لا تمكين بلا
تمتين" أعني كنت
أننا لا نستطيع تمكين أي إنسان من عمله ما لم نضعه في مكانه
المناسب. فمن العبث أن نعهد لإنسان بمهات ونحمله مسؤوليات، وهو لا يملك القدرات
التي تجعله في مجاله فردًا وحده.
التمتين
لغة هو: "تقوية القوي." وعندما نقوي شيئًا، فهذا يعني أنه كان ضعيفًا، وكل ما ليس
قويًا، ضعيف. وقد ثبت علميًا أن الإنسان يرتقي كلما ركز على استثمار مواطن قوته
وقام على تدريبها وزيادة خبراتها ليتحول أداؤه من "القوة" إلى "المتانة."
التمتين مدخل إنساني إيجابي وقوي للتنمية البشرية والريادة في القيادة والتعليم
السليم والعمل القويم. ولكي تتخيل انعكاساته على حياتك وعملك ومجتمعك، تخيل أننا
نعيش في عالم لا يحكم فيه سوى القادة المناسبون، أو أنك موظف في مؤسسة يعمل كل من
فيها في مكانه المناسب، أو عضو في أسرة يقوم كل واحد منها بدوره المثالي المناسب،
دون هدر للطاقات، أو احتدام للصراعات. وتخيل فريقًا رياضيًا استطاع مدربه أن يضع
كل لاعب فيه في مكانه الصحيح، من حيث المهارة والقدرة واللياقة الذهنية والبدنية،
والأهم من ذلك: الرغبة في الأداء والفوز والمنافسة.
عندما
أقول بأن "التمتين" منهجية كفيلة بتغيير العالم إلى الأفضل، فإنني أعني ما أقول.
ومن يشك في أبعاد وآفاق تطبيقات التمتين وممارساته، عليه أن يثبت العكس.